للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرَادَ مَعَ ذَلِكَ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ وَالْحَلْقَ بِصِفَاتِهَا وَهَيْئَاتِهَا وَإِظْهَارَ التَّلْبِيَةَ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَشْتَرِكُ فِيهِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ وَيَخُصُّ مِنْ عُمُومِهِ مَا لَا يَدْخُلُ فِي الْعُمْرَةِ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ كَالْوُقُوفِ وَالرَّمْيِ وَالْمَبِيتِ بِمِنًى وَمُزْدَلِفَةَ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَهَذَا الْحَدِيثُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ هَذَا السَّائِلَ كَانَ عَالِمًا بِصِفَةِ الْحَجِّ دُونَ الْعُمْرَةِ فَلِهَذَا قَالَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ مَا أَنْتَ صَانِعٌ فِي حَجِّكَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ لِلْقَاعِدَةِ الْمَشْهُورَةِ أَنَّ الْقَاضِي وَالْمُفْتِي إِذَا لَمْ يَعْلَمْ حُكْمَ الْمَسْأَلَةِ أَمْسَكَ عَنْ جَوَابِهَا حَتَّى يَعْلَمَهُ أَوْ يَظُنَّهُ بِشَرْطِهِ وَفِيهِ أَنَّ مِنَ الْأَحْكَامِ الَّتِي لَيْسَتْ فِي الْقُرْآنِ مَا هُوَ بِوَحْيٍ لَا يُتْلَى وَقَدْ يَسْتَدِلُّ بِهِ مَنْ يَقُولُ مِنْ أَهْلِ الْأُصُولِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ لَهُ الِاجْتِهَادُ وَإِنَّمَا كَانَ يَحْكُمُ بِوَحْيٍ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ بِالِاجْتِهَادِ حُكْمُ ذَلِكَ أَوْ أَنَّ الْوَحْيَ بَدَرَهُ قَبْلَ تَمَامِ الِاجْتِهَادِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (وَكَانَ يَعْلَى يَقُولُ وَدِدْتُ أَنِّي أَرَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فَقَالَ أَيَسُرُّكَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ فَقَالَ أَيَسُرُّكَ وَلَمْ يُبَيِّنِ الْقَائِلُ مَنْ هُوَ وَلَا سَبَقَ لَهُ ذِكْرٌ وَهَذَا الْقَائِلُ هُوَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَمَا بَيَّنَهُ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ قوله (وعليه مقطعات) هي بفتح الطاء المشددة وهي الثياب المخيطة وأوضحه بقوله يعنى جبة قَوْلُهُ (مُتَضَمِّخٌ) هُوَ بِالضَّادِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَتَيْنِ أَيْ مُتَلَوِّثٌ بِهِ مُكْثِرٌ مِنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>