للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيلَ إِنَّهُ خَرَجَ مَعَهُمْ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَنْوِ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً قَالَ الْقَاضِي وَهَذَا بَعِيدٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (فَسَقَطَ مِنِّي سَوْطِي فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي وَكَانُوا مُحْرِمِينَ نَاوَلُونِي السَّوْطَ فَقَالُوا وَاللَّهِ لا نعنيك عَلَيْهِ بِشَيْءٍ) وَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال هَلْ أَشَارَ إِلَيْهِ إِنْسَانٌ مِنْكُمْ أَوْ أَمَرَهُ بِشَيْءٍ قَالُوا لَا قَالَ فَكُلُوهُ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى تَحْرِيمِ الْإِشَارَةِ وَالْإِعَانَةِ مِنَ الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ وَكَذَلِكَ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ وَكُلِّ سَبَبٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ لِلْجُمْهُورِ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ لَا تَحِلُّ الْإِعَانَةُ مِنَ الْمُحْرِمِ إِلَّا إِذَا لَمْ يُمْكِنِ اصْطِيَادُهُ بِدُونِهَا قَوْلُهُ (فَقَالَ بَعْضُهُمْ كُلُوهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تأكلوه) ثم قال فقال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الِاجْتِهَادِ فِي مَسَائِلِ الْفُرُوعِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْحَلَالَ إِذَا صَادَ صَيْدًا وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُحْرِمِ إِعَانَةٌ وَلَا إِشَارَةٌ وَلَا دَلَالَةٌ عَلَيْهِ حَلَّ لِلْمُحْرِمِ أَكْلُهُ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَكْثَرِينَ قَوْلُهُ (إِذْ بَصُرْتُ بِأَصْحَابِي يَتَرَاءَوْنَ شَيْئًا) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (يَضْحَكُ بَعْضُهُمْ إِلَيَّ إِذْ نَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِحِمَارِ وَحْشٍ) هَكَذَا وَقَعَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا يَضْحَكُ إِلَيَّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ قَالَ الْقَاضِي هَذَا خَطَأٌ وَتَصْحِيفٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ بَعْضِ الرُّوَاةِ عَنْ مُسْلِمٍ وَالصَّوَابُ يَضْحَكُ إِلَى بَعْضٍ فَأَسْقَطَ لَفْظَةَ بَعْضٍ وَالصَّوَابُ إِثْبَاتُهَا كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ لِأَنَّهُمْ لَوْ ضَحِكُوا إِلَيْهِ لَكَانَتْ إِشَارَةٌ مِنْهُمْ وَقَدْ قَالُوا إِنَّهُمْ لَمْ يُشِيرُوا إِلَيْهِ قُلْتُ لَا يُمْكِنُ رَدُّ هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَقَدْ صَحَّتْ هِيَ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى وَلَيْسَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا دَلَالَةٌ وَلَا اشارة إلى الصيد فَإِنَّ مُجَرَّدَ الضَّحِكِ لَيْسَ فِيهِ إِشَارَةٌ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَإِنَّمَا ضَحِكُوا تَعَجُّبًا مِنْ عُرُوضِ الصَّيْدِ وَلَا قُدْرَةَ لَهُمْ عَلَيْهِ لِمَنْعِهِمْ مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (فَإِذَا حِمَارُ وَحْشٍ) وَكَذَا ذُكِرَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ حِمَارُ وَحْشٍ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كَامِلٍ الْجَحْدَرِيِّ إِذْ رَأَوْا حُمُرَ وَحْشٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَبُو قَتَادَةَ فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا فَأَكَلُوا مِنْ لَحْمِهَا فَهَذِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>