وَتَخْرُجْ مِنْهَا فَيَتَعَيَّنُ تَأْوِيلُ ارْفُضِي عُمْرَتَكِ وَدَعِي عُمْرَتَكِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ رَفْضِ الْعَمَلِ فِيهَا وَإِتْمَامِ أَفْعَالِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى لَمَّا مَضَتْ مَعَ أَخِيهَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لِيُعْمِرَهَا مِنَ التَّنْعِيمِ (هَذِهِ مَكَانُ عُمْرَتِكِ) فَمَعْنَاهُ أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ يَكُونَ لَهَا عُمْرَةٌ مُنْفَرِدَةٌ عَنِ الْحَجِّ كَمَا حَصَلَ لِسَائِرِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَغَيْرِهِنَّ مِنَ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ فَسَخُوا الْحَجَّ إِلَى الْعُمْرَةِ وَأَتَمُّوا الْعُمْرَةَ وَتَحَلَّلُوا مِنْهَا قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ ثُمَّ أَحْرَمُوا بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ فَحَصَلَ لَهُمْ عُمْرَةٌ مُنْفَرِدَةٌ وَحَجَّةٌ مُنْفَرِدَةٌ وَأَمَّا عَائِشَةُ فَإِنَّمَا حَصَلَ لَهَا عُمْرَةٌ مُنْدَرِجَةٌ فِي حَجَّةٍ بِالْقِرَانِ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّفْرِ يَسَعُكِ طَوَافُكِ لِحَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ أَيْ وَقَدْ تَمَّا وَحُسِبَا لَكِ جَمِيعًا فَأَبَتْ وَأَرَادَتْ عُمْرَةً مُنْفَرِدَةً كَمَا حَصَلَ لِبَاقِي النَّاسِ فَلَمَّا اعْتَمَرَتْ عُمْرَةً مُنْفَرِدَةً قَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ مَكَانُ عُمْرَتِكِ أَيِ الَّتِي كُنْتِ تُرِيدِينَ حُصُولَهَا مُنْفَرِدَةً غَيْرَ مُنْدَرِجَةٍ فَمَنَعَكِ الْحَيْضُ مِنْ ذَلِكَ وَهَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهَا يَرْجِعُ النَّاسُ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَأَرْجِعُ بِحَجٍّ أَيْ يَرْجِعُونَ بِحَجٍّ مُنْفَرِدٍ وَعُمْرَةٍ مُنْفَرِدَةٍ وَأَرْجِعُ أَنَا وَلَيْسَ لِي عُمْرَةٌ مُنْفَرِدَةٌ وَإِنَّمَا حَرَصَتْ عَلَى ذَلِكَ لِتُكْثِرَ أَفْعَالَهَا وَفِي هَذَا تَصْرِيحٌ بِالرَّدِّ عَلَى مَنْ يَقُولُ الْقِرَانُ أَفْضَلُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
[١٢١١] وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي) فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ إِبْطَالُ الْعُمْرَةِ لِأَنَّ نَقْضَ الرَّأْسِ وَالِامْتِشَاطَ جَائِزَانِ عِنْدَنَا فِي الْإِحْرَامِ بِحَيْثُ لَا يَنْتِفُ شَعْرًا وَلَكِنْ يُكْرَهُ الِامْتِشَاطُ إِلَّا لِعُذْرٍ وَتَأَوَّلَ الْعُلَمَاءُ فِعْلَ عَائِشَةَ هَذَا عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ مَعْذُورَةً بِأَنْ كَانَ فِي رَأْسِهَا أَذًى فَأَبَاحَ لَهَا الِامْتِشَاطَ كَمَا أَبَاحَ لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ الْحَلْقَ لِلْأَذَى وَقِيلَ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالِامْتِشَاطِ هُنَا حَقِيقَةَ الِامْتِشَاطِ بِالْمُشْطِ بَلْ تَسْرِيحَ الشَّعْرِ بِالْأَصَابِعِ للغسل لاحرامها بالحج لاسيما إِنْ كَانَتْ لَبَّدَتْ رَأْسَهَا كَمَا هُوَ السُّنَّةُ وَكَمَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يَصِحُّ غُسْلُهَا إِلَّا بِإِيصَالِ الْمَاءِ إِلَى جَمِيعِ شَعْرِهَا وَيَلْزَمُ مِنْ هَذَا نَقْضُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهَا (وَأَمَّا الَّذِينَ كَانُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute