(فَدَخَلَ عَلَيَّ وَهُوَ غَضْبَانُ فَقُلْتُ مَنْ أَغْضَبَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ قَالَ أو ما شَعَرْتِ أَنِّي أَمَرْتُ النَّاسَ بِأَمْرٍ فَإِذَا هُمْ يَتَرَدَّدُونَ) أَمَّا غَضَبُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلِانْتِهَاكِ حُرْمَةِ الشَّرْعِ وَتَرَدُّدِهِمْ فِي قَبُولِ حُكْمِهِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ ويسلموا تسليما فَغَضِبَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ انْتَهَاكِ حُرْمَةِ الشَّرْعِ وَالْحُزْنِ عَلَيْهِمْ فِي نَقْصِ إِيمَانِهِمْ بِتَوَقُّفِهِمْ وَفِيهِ دَلَالَةٌ لِاسْتِحْبَابِ الْغَضَبِ عِنْدَ انْتَهَاكِ حُرْمَةِ الدِّينِ وَفِيهِ جَوَازُ الدُّعَاءِ عَلَى الْمُخَالِفِ لِحُكْمِ الشَّرْعِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَوَمَا شَعَرْتِ أَنِّي أَمَرْتُ النَّاسَ بِأَمْرٍ فَإِذَا هُمْ يَتَرَدَّدُونَ قَالَ الْحَكَمُ كَأَنَّهُمْ يَتَرَدَّدُونَ أَحْسِبُ) قَالَ الْقَاضِي كَذَا وَقَعَ هَذَا اللَّفْظُ وَهُوَ صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ فِيهِ إِشْكَالٌ قَالَ وَزَادَ إِشْكَالَهُ تَغْيِيرٌ فِيهِ وَهُوَ قَوْلُهُ قَالَ الْحَكَمُ كَأَنَّهُمْ يَتَرَدَّدُونَ وَكَذَا رواه بن أَبِي شَيْبَةَ عَنِ الْحَكَمِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْحَكَمَ شَكَّ فِي لَفْظِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا مَعَ ضَبْطِهِ لِمَعْنَاهُ فَشَكَّ هَلْ قَالَ يَتَرَدَّدُونَ أَوْ نَحْوَهُ مِنَ الْكَلَامِ وَلِهَذَا قَالَ بَعْدَهُ أَحْسِبُ أَيْ أَظُنُّ أَنَّ هَذَا لَفْظُهُ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ مُسْلِمٍ بَعْدَهُ فِي حَدِيثِ غُنْدَرٍ وَلَمْ يَذْكُرِ الشَّكَّ مِنَ الْحَكَمِ فِي قَوْلِهِ يَتَرَدَّدُونَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَلَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْيَ) هَذَا دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ قَوْلِ لَوْ فِي التَّأَسُّفِ عَلَى فوات أمور
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute