إِحْرَامًا كَإِحْرَامِ فُلَانٍ فَيَنْعَقِدَ إِحْرَامُهُ وَيَصِيرَ مُحْرِمًا بِمَا أَحْرَمَ بِهِ فُلَانٌ وَاخْتَلَفَ آخِرُ الْحَدِيثَيْنِ فِي التَّحَلُّلِ فَأَمَرَ عَلِيًّا بِالْبَقَاءِ عَلَى إِحْرَامِهِ وَأَمَرَ أَبَا مُوسَى بِالتَّحَلُّلِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ آخِرُهُمَا لِأَنَّهُمَا أَحْرَمَا كَإِحْرَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْهَدْيُ فَشَارَكَهُ عَلِيٌّ فِي أَنَّ مَعَهُ الْهَدْيَ فَلِهَذَا أَمَرَهُ بِالْبَقَاءِ عَلَى إِحْرَامِهِ كَمَا بَقِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِحْرَامِهِ بِسَبَبِ الْهَدْيِ وَكَانَ قَارِنًا وَصَارَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَارِنًا وَأَمَّا أَبُو مُوسَى فَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَصَارَ لَهُ حُكْمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ لَوْلَا الْهَدْيُ لَجَعَلَهَا عُمْرَةً وَتَحَلَّلَ فَأَمَرَ أَبَا مُوسَى بِذَلِكَ فَلِذَلِكَ اخْتُلِفَ فِي أَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمَا فَاعْتَمِدْ مَا ذَكَرْتُهُ فَهُوَ الصَّوَابُ وَقَدْ تَأَوَّلَهُمَا الْخَطَّابِيُّ وَالْقَاضِي عِيَاضٌ تَأْوِيلَيْنِ غَيْرَ مَرْضِيَّيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (وَأَهْدَى لَهُ عَلِيٌّ هَدْيًا) يَعْنِي هَدْيًا اشْتَرَاهُ لَا أَنَّهُ مِنَ السِّعَايَةِ عَلَى الصَّدَقَةِ وَفِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ دَلَالَةٌ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِيهِ أَنَّهُ يَصِحُّ الْإِحْرَامُ مُعَلَّقًا بِأَنْ يَنْوِيَ إِحْرَامًا كَإِحْرَامِ زَيْدٍ فَيَصِيرَ هَذَا الْمُعَلَّقُ كَزَيْدٍ فَإِنْ كَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا بِحَجٍّ كَانَ هَذَا بِالْحَجِّ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ بِعُمْرَةٍ فَبِعُمْرَةٍ وَإِنْ كَانَ بِهِمَا فَبِهِمَا وَإِنْ كَانَ زَيْدٌ أَحْرَمَ مُطْلَقًا صَارَ هَذَا مُحْرِمًا إِحْرَامًا مُطْلَقًا فَيَصْرِفُهُ إِلَى مَا شَاءَ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَلَا يَلْزَمُهُ مُوَافَقَةُ زَيْدٍ فِي الصَّرْفِ وَلِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فُرُوعٌ كَثِيرَةٌ مَشْهُورَةٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ وَقَدِ اسْتَقْصَيْتُهَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ قَوْلُهُ (فَقَالَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِأَبَدٍ قَالَ لِأَبَدٍ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنُ جُعْشُمٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِأَبَدٍ فَشَبَّكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَابِعَهُ وَاحِدَةً فِي الأخرى وقال
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute