مُفْرَدًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْعَلُوا إِحْرَامَكُمْ عُمْرَةً وَتَحَلَّلُوا بِعَمَلِ الْعُمْرَةِ وَهُوَ مَعْنَى فَسْخِ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا الْفَسْخِ هَلْ هُوَ خَاصٌّ لِلصَّحَابَةِ تِلْكَ السَّنَةِ خَاصَّةً أَمْ بَاقٍ لَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَقَالَ أَحْمَدُ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ لَيْسَ خَاصًّا بَلْ هُوَ بَاقٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَيَجُوزُ لِكُلِّ مَنْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ وَلَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ أَنْ يَقْلِبَ إِحْرَامَهُ عُمْرَةً وَيَتَحَلَّلَ بِأَعْمَالِهَا وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ هُوَ مُخْتَصٌّ بِهِمْ فِي تِلْكَ السَّنَةِ لَا يَجُوزُ بَعْدَهَا وَإِنَّمَا أُمِرُوا بِهِ تِلْكَ السَّنَةَ لِيُخَالِفُوا مَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْجَاهِلِيَّةُ مِنْ تَحْرِيمِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَمِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ لِلْجَمَاهِيرِ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عنه الذي ذكره مسلم بعده هذا بِقَلِيلٍ كَانَتِ الْمُتْعَةُ فِي الْحَجِّ لِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً يَعْنِي فَسْخَ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ وَفِي كِتَابِ النَّسَائِيِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ بِلَالٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَسْخُ الْحَجِّ لَنَا خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّةً فَقَالَ بَلْ لَنَا خَاصَّةً وَأَمَّا الَّذِي فِي حَدِيثِ سُرَاقَةَ أَلِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِأَبَدٍ فَقَالَ لِأَبَدِ أَبَدٍ فَمَعْنَاهُ جَوَازُ الِاعْتِمَارِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ كَمَا سَبَقَ تَفْسِيرُهُ فَالْحَاصِلُ مِنْ مَجْمُوعِ طُرُقِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ جَائِزَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَكَذَلِكَ الْقِرَانُ وَأَنَّ فَسْخَ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ مُخْتَصٌّ بِتِلْكَ السَّنَةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ التروية فأهلوا بالحج واجعلوا الذي قدمتم بها مُتْعَةً قَالُوا كَيْفَ نَجْعَلُهَا مُتْعَةً وَقَدْ سَمَّيْنَا الْحَجَّ فَقَالَ افْعَلُوا مَا آمُرُكُمْ بِهِ فَلَوْلَا أَنِّي سُقْتُ الْهَدْيَ لَفَعَلْتُ مِثْلَ الَّذِي أَمَرْتُكُمْ بِهِ) هَذَا دَلِيلٌ ظَاهِرٌ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَمُوَافِقَيْهِمَا فِي تَرْجِيحِ الْإِفْرَادِ وَأَنَّ غَالِبَهُمْ كَانُوا مُحْرِمِينَ بِالْحَجِّ وَيُتَأَوَّلُ رِوَايَةُ مَنْ رَوَى مُتَمَتِّعِينَ أَنَّهُ أَرَادَ فِي آخِرِ الْأَمْرِ صَارُوا مُتَمَتِّعِينَ كَمَا سَبَقَ تَقْرِيرُهُ فِي أَوَائِلِ هَذَا الْبَابِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute