للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِفَتْحِ الْمِيمِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ بِكَسْرِهَا وَأَنَّ قُزَحَ الْجَبَلُ الْمَعْرُوفُ فِي الْمُزْدَلِفَةِ وَقِيلَ كُلُّ الْمُزْدَلِفَةِ وَأَوْضَحْنَا الْخِلَافَ فِيهِ بِدَلَائِلِهِ وَهَذَا الْحَدِيثُ ظَاهِرُ الدَّلَالَةِ فِي أَنَّهُ لَيْسَ كُلَّ الْمُزْدَلِفَةِ وَقَوْلُهُ أَجَازَ أَيْ جَاوَزَ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَعْرِضْ هُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ قُرَيْشًا كَانَتْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ تَقِفُ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَهِيَ مِنَ الْحَرَمِ وَلَا يَقِفُونَ بِعَرَفَاتٍ وَكَانَ سَائِرُ الْعَرَبِ يَقِفُونَ بِعَرَفَاتٍ وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَقُولُ نَحْنُ أَهْلُ الْحَرَمِ فَلَا نَخْرُجُ مِنْهُ فَلَمَّا حَجَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَصَلَ الْمُزْدَلِفَةَ اعْتَقَدُوا أَنَّهُ يَقِفُ بِالْمُزْدَلِفَةِ عَلَى عَادَةِ قُرَيْشٍ فَجَاوَزَ إِلَى عَرَفَاتٍ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ أَيْ جُمْهُورُ النَّاسِ فَإِنَّ مَنْ سِوَى قُرَيْشٍ كَانُوا يَقِفُونَ بِعَرَفَاتٍ وَيُفِيضُونَ مِنْهَا وَأَمَّا قَوْلُهُ (فَأَجَازَ وَلَمْ يَعْرِضْ لَهُ حَتَّى أَتَى عَرَفَاتٍ فَنَزَلَ) فَفِيهِ مَجَازٌ تَقْدِيرُهُ فَأَجَازَ مُتَوَجِّهًا إِلَى عَرَفَاتٍ حَتَّى قَارَبَهَا فَضُرِبَتْ لَهُ الْقُبَّةُ بِنَمِرَةَ قَرِيبٌ مِنْ عَرَفَاتٍ فَنَزَلَ هُنَاكَ حَتَّى زَالَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ خَطَبَ وَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ ثُمَّ دَخَلَ أَرْضَ عَرَفَاتٍ حَتَّى وَصَلَ الصَّخَرَاتِ فَوَقَفَ هُنَاكَ وَقَدْ سَبَقَ هَذَا وَاضِحًا فِي الرِّوَايَةِ الاولى قوله صلى الله عليه وسلم (نحرت ها هنا وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ فَانْحَرُوا فِي رِحَالِكُمْ وَوَقَفْتُ ها هنا وعرفة كلها موقف ووقفت ها هنا وَجَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ) فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ بَيَانُ رِفْقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُمَّتِهِ وَشَفَقَتِهِ عَلَيْهِمْ فِي تَنْبِيهِهِمْ عَلَى مَصَالِحِ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ لَهُمُ الْأَكْمَلَ وَالْجَائِزَ فَالْأَكْمَلُ مَوْضِعُ نَحْرِهِ وَوُقُوفِهِ وَالْجَائِزُ كُلُّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَنْحَرِ وَجُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ عَرَفَاتٍ وَخَيْرُهُنَّ أَجْزَاءُ الْمُزْدَلِفَةِ وَهِيَ جَمْعٌ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَإِسْكَانِ الْمِيمِ وَسَبَقَ بَيَانُهَا وَبَيَانُ حَدِّهَا وَحَدِّ مِنًى فِي هَذَا الْبَابِ وَأَمَّا عَرَفَاتٌ فَحَدُّهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>