مِنْ بَنِي قَيْسٍ فَفَلَتْ رَأْسِي ثُمَّ أَهْلَلْتُ بِالْحَجِّ) فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَوَائِدُ مِنْهَا جَوَازُ تَعْلِيقِ الْإِحْرَامِ فَإِذَا قَالَ أَحْرَمْتُ بِإِحْرَامٍ كَإِحْرَامِ زَيْدٍ صَحَّ إِحْرَامُهُ وَكَانَ إِحْرَامُهُ كَإِحْرَامِ زَيْدٍ فَإِنْ كَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا بِحَجٍّ أَوْ بِعُمْرَةٍ أَوْ قَارِنًا كَانَ الْمُعَلِّقُ مِثْلَهُ وَإِنْ كَانَ زَيْدٌ أَحْرَمَ مُطْلَقًا كَانَ الْمُعَلِّقُ مُطْلَقًا وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَصْرِفَ إِحْرَامَهُ إِلَى مَا يَصْرِفُ زَيْدٌ إِحْرَامَهُ إِلَيْهِ فَلَوْ صَرَفَ زَيْدٌ إِحْرَامَهُ إِلَى حَجٍّ كَانَ لِلْمُعَلِّقِ صَرْفُ إِحْرَامِهِ إِلَى عُمْرَةٍ وَكَذَا عَكْسُهُ وَمِنْهَا اسْتِحْبَابُ الثَّنَاءِ عَلَى من فعل فعلا جَمِيلًا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنْتَ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (طُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَأَحِلَّ) فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ صَارَ كَالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَكُونُ وَظِيفَتُهُ أَنْ يَفْسَخَ حَجَّهُ إِلَى عُمْرَةٍ فَيَأْتِي بِأَفْعَالِهَا وَهِيَ الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ وَالْحَلْقُ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ صَارَ حَلَالًا وَتَمَّتْ عُمْرَتُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرِ الْحَلْقَ هُنَا لِأَنَّهُ كَانَ مَشْهُورًا عِنْدَهُمْ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَأَحِلِّ وَقَوْلُهُ (ثُمَّ أَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ بَنِي قَيْسٍ فَفَلَتْ رَأْسِي) هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ كَانَتْ مَحْرَمًا لَهُ وَقَوْلُهُ (ثُمَّ أَهْلَلْتُ بِالْحَجِّ) يَعْنِي أَنَّهُ تَحَلَّلَ بِالْعُمْرَةِ وَأَقَامَ بِمَكَّةَ حَلَالًا إِلَى يوم التروية وهو الثامن من ذي الحجة ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ كَمَا جَاءَ مُبَيَّنًا فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَإِنْ قِيلَ قَدْ عَلَّقَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَأَبُو مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِحْرَامَهُمَا بِإِحْرَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ عَلِيًّا بِالدَّوَامِ عَلَى إِحْرَامِهِ قَارِنًا وَأَمَرَ أَبَا مُوسَى بِفَسْخِهِ إِلَى عُمْرَةٍ فَالْجَوَابُ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ كَمَا كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْهَدْيُ فَبَقِيَ عَلَى إِحْرَامِهِ كَمَا بَقِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكُلُّ مَنْ مَعَهُ هَدْيٌ وَأَبُو مُوسَى لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَتَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ كَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ وَلَوْلَا الْهَدْيُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَجَعَلَهَا عُمْرَةً وَقَدْ سَبَقَ إِيضَاحُ هَذَا الْجَوَابِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا قَوْلُهُ فَفَلَتْ رَأْسِي هو بتخفف اللَّامِ قَوْلُهُ (رُوَيْدَكَ بَعْضَ فُتْيَاكَ) مَعْنَى رُوَيْدَكَ ارْفُقْ قَلِيلًا وَأَمْسِكْ عَنِ الْفُتْيَا وَيُقَالُ فُتْيَا وَفَتْوَى لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute