(إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا طَافَ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَوَّلَ مَا يَقْدَمُ فَإِنَّهُ يَسْعَى ثَلَاثَةَ أَطَوَافٍ بِالْبَيْتِ ثُمَّ يَمْشِي أَرْبَعًا ثُمَّ يُصَلِّي سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ يَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ) أَمَّا قَوْلُهُ أَوَّلَ مَا يَقْدَمُ فَتَصْرِيحٌ بِأَنَّ الرَّمَلَ أَوَّلُ مَا يَشْرَعُ فِي طَوَافِ الْعُمْرَةِ أَوْ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ فِي الْحَجِّ وَأَمَّا قَوْلُهُ يَسْعَى ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ فَمُرَادُهُ يَرْمُلُ وَسَمَّاهُ سَعْيًا مَجَازًا لِكَوْنِهِ يُشَارِكُ السَّعْيَ فِي أَصْلِ الْإِسْرَاعِ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ صِفَتُهُمَا وَأَمَّا قَوْلُهُ ثَلَاثَةً وَأَرْبَعَةً فَمُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَهُوَ أَنَّ الرَّمَلَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ مِنَ السَّبْعِ وَأَمَّا قَوْلُهُ ثُمَّ يُصَلِّي سَجْدَتَيْنِ فَالْمُرَادُ رَكْعَتَيْنِ وَهُمَا سُنَّةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِنَا وَفِي قَوْلٍ وَاجِبَتَانِ وَسَمَّاهُمَا سَجْدَتَيْنِ مَجَازًا كَمَا سَبَقَ تَقْرِيرُهُ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ ثُمَّ يَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَأَنَّهُ يُشْتَرَطُ تَقَدُّمُ الطَّوَافِ عَلَى السَّعْيِ فَلَوْ قَدَّمَ السَّعْيَ لَمْ يَصِحَّ السَّعْيُ وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَفِيهِ خِلَافٌ ضَعِيفٌ لِبَعْضِ السَّلَفِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ يَقْدَمُ مَكَّةَ إِذَا اسْتَلَمَ الرُّكْنَ الْأَسْوَدَ أَوَّلَ مَا يَطُوفُ) إِلَى آخِرِهِ فِيهِ اسْتِحْبَابُ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فِي ابْتِدَاءِ الطَّوَافِ وَهُوَ سُنَّةٌ مِنْ سُنَنِ الطَّوَافِ بِلَا خِلَافٍ وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي قَوْلِهِ إِنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ وَأَنْ يَسْتَلِمَ مَعَهُ الرُّكْنَ الَّذِي هُوَ فِيهِ فَيَجْمَعُ فِي اسْتِلَامِهِ بَيْنَ الْحَجَرِ وَالرُّكْنِ جَمِيعًا وَاقْتَصَرَ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا عَلَى أَنَّهُ يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ وَأَمَّا الِاسْتِلَامُ فَهُوَ الْمَسْحُ بِالْيَدِ عَلَيْهِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ السِّلَامِ بِكَسْرِ السِّينِ وَهِيَ الْحِجَارَةُ وَقِيلَ من
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute