مَسَاجِدَ مَسْجِدِي هَذَا وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) فِيهِ بَيَانُ عَظِيمِ فَضِيلَةِ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ وَمَزِيَّتِهَا عَلَى غَيْرِهَا لِكَوْنِهَا مَسَاجِدَ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ وَلِفَضْلِ الصَّلَاةِ فِيهَا وَلَوْ نَذَرَ الذَّهَابَ إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لَزِمَهُ قَصْدُهُ لِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَلَوْ نَذَرَهُ إِلَى الْمَسْجِدَيْنِ الْآخَرَيْنِ فَقَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ أَصْحَابِهِ يُسْتَحَبُّ قَصْدُهُمَا وَلَا يَجِبُ وَالثَّانِي يَجِبُ وَبِهِ قَالَ كَثِيرُونَ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَأَمَّا بَاقِي الْمَسَاجِدِ سِوَى الثَّلَاثَةِ فَلَا يَجِبُ قَصْدُهَا بِالنَّذْرِ وَلَا يَنْعَقِدُ نَذْرٌ قَصْدُهَا هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً إِلَّا مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ الْمَالِكِيَّ فَقَالَ إِذَا نَذَرَ قَصْدَ مَسْجِدِ قُبَاءٍ لَزِمَهُ قَصْدُهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْتِيهِ كُلَّ سَبْتٍ رَاكِبًا وَمَاشِيًا وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ يَلْزَمُهُ قَصْدُ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ أَيُّ مَسْجِدٍ كَانَ وَعَلَى مَذْهَبِ الْجَمَاهِيرِ لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَقَالَ أَحْمَدُ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي شَدِّ الرِّحَالِ وَإِعْمَالِ الْمَطِيِّ إِلَى غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ كَالذَّهَابِ إِلَى قُبُورِ الصَّالِحِينَ وَإِلَى الْمَوَاضِعِ الْفَاضِلَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا هُوَ حَرَامٌ وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ الْقَاضِي عِيَاضٌ إِلَى اخْتِيَارِهِ وَالصَّحِيحُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْمُحَقِّقُونَ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ وَلَا يُكْرَهُ قَالُوا وَالْمُرَادُ أَنَّ الْفَضِيلَةَ التَّامَّةَ إِنَّمَا هِيَ فِي شَدِّ الرِّحَالِ إِلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ خَاصَّةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (فَأَعْجَبْنَنِي وآنَقْنَنِي) قَالَ الْقَاضِي مَعْنَى آنَقْنَنِي أَعْجَبْنَنِي وَإِنَّمَا كَرَّرَ الْمَعْنَى لِاخْتِلَافِ اللَّفْظِ وَالْعَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ كَثِيرًا لِلْبَيَانِ وَالتَّوْكِيدِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صلوات من ربهم ورحمة وَالصَّلَاةُ مِنَ اللَّهِ الرَّحْمَةُ وَقَالَ تَعَالَى فَكُلُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute