للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَشْهَدَ عَدْلَانِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا وَلِيٌّ خَاصٌّ وَلَيْسَتْ فِي زَوْجِيَّةٍ وَلَا عِدَّةٍ فَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ هَذَا شَرْطٌ وَاجِبٌ وَالْأَصَحُّ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ اسْتِحْبَابٌ وَاحْتِيَاطٌ وَلَيْسَ بِشَرْطٍ قَوْلُهُ صَلَّى الله عليه وسلم (انظر ولو خاتم مِنْ حَدِيدٍ) هَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ خَاتَمٌ مِنْ حَدِيدٍ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ خَاتَمًا وَهَذَا وَاضِحٌ وَالْأَوَّلُ صَحِيحٌ أَيْضًا أَيْ وَلَوْ حَضَرَ خَاتَمٌ مِنْ حَدِيدٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أنْ لَا يَنْعَقِدَ النِّكَاحُ إِلَّا بِصَدَاقٍ لِأَنَّهُ أَقْطَعُ لِلنِّزَاعِ وَأَنْفَعُ لِلْمَرْأَةِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ لَوْ حَصَلَ طَلَاقٌ قَبْلَ الدُّخُولِ وَجَبَ نِصْفُ الْمُسَمَّى فَلَوْ لَمْ تَكُنْ تَسْمِيَةٌ لَمْ يَجِبْ صَدَاقٌ بَلْ تَجِبُ الْمُتْعَةُ فَلَوْ عَقَدَ النِّكَاحَ بِلَا صَدَاقٍ صَحَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة فَهَذَا تَصْرِيحٌ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ مِنْ غَيْرِ مَهْرٍ ثُمَّ يَجِبُ لَهَا الْمَهْرُ وَهَلْ يَجِبُ بِالْعَقْدِ أَمْ بِالدُّخُولِ فِيهِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ وَهُمَا قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ أَصَحُّهُمَا بِالدُّخُولِ وَهُوَ ظَاهِرُ هَذِهِ الْآيَةِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ قَلِيلًا وَكَثِيرًا مِمَّا يُتَمَوَّلُ إِذَا تراضى به الزوجان لِأَنَّ خَاتَمَ الْحَدِيدِ فِي نِهَايَةٍ مِنَ الْقِلَّةِ وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ مَذْهَبُ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَبِهِ قَالَ رَبِيعَةُ وَأَبُو الزناد وبن أَبِي ذِئْبٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَمُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزِّنْجِيُّ وبن أبي ليلى وداود وفقهاء أهل الحديث وبن وَهْبٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ قَالَ الْقَاضِي هُوَ مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً مِنَ الْحِجَازِيِّينَ وَالْبَصَرِيِّينِ وَالْكُوفِيِّين وَالشَّامِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ يَجُوزُ مَا تَرَاضَى بِهِ الزَّوْجَانِ مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ كَالسَّوْطِ وَالنَّعْلِ وَخَاتَمِ الْحَدِيدِ وَنَحْوِهِ وَقَالَ مَالِكٌ أَقَلُّهُ رُبُعُ دِينَارٍ كَنِصَابِ السَّرِقَةِ قَالَ الْقَاضِي هَذَا مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ مَالِكٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ أَقَلُّهُ عشر دراهم وقال بن شُبْرُمَةَ أَقَلُّهُ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ اعْتِبَارًا بِنِصَابِ الْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ عِنْدَهُمَا وَكَرِهَ النَّخَعِيُّ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَقَلِّ مِنْ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا وَقَالَ مَرَّةً عَشَرَةً وَهَذِهِ الْمَذَاهِبُ سِوَى مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ مُخَالِفَةٌ لِلسُّنَّةِ وَهُمْ مَحْجُوجُونَ بِهَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الصَّرِيحِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ اتِّخَاذِ خَاتَمِ الْحَدِيدِ وَفِيهِ خِلَافٌ لِلسَّلَفِ حَكَاهُ الْقَاضِي وَلِأَصْحَابِنَا فِي كَرَاهَتِهِ وجهان أصحهما لا يكره لِأَنَّ الْحَدِيثَ فِي النَّهْيِ عَنْهُ ضَعِيفٌ وَقَدْ أَوْضَحْتُ الْمَسْأَلَةَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ تَعْجِيلِ تَسْلِيمِ الْمَهْرِ إِلَيْهَا قَوْلُهُ (لَا وَاللَّهِ يا رسول الله ولا خاتم مِنْ حَدِيدٍ) فِيهِ جَوَازُ الْحَلِفِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْلَافٍ وَلَا ضَرُورَةٍ لَكِنْ قَالَ أَصْحَابُنَا يُكْرَهُ من

<<  <  ج: ص:  >  >>