للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي اسْتِلْحَاقِ النَّسَبِ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ يِجَوَزُ أن يستلحق الوارث نسبا لمورثه بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ حَائِزًا لِلْإِرْثِ أَوْ يَسْتَلْحِقَهُ كُلُّ الْوَرَثَةِ وَبِشَرْطِ أَنْ يُمْكِنَ كَوْنُ الْمُسْتَلْحَقِ وَلَدًا لِلْمَيِّتِ وَبِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ مَعْرُوفَ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِهِ وَبِشَرْطِ أَنْ يُصَدِّقَهُ الْمُسْتَلْحَقُ إِنْ كَانَ عَاقِلًا بَالِغًا وَهَذِهِ الشُّرُوطُ كُلُّهَا مَوْجُودَةٌ فِي هَذَا الْوَلَدِ الَّذِي أَلْحَقَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِزَمْعَةَ حِينَ اسْتَلْحَقَهُ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ وَيَتَأَوَّلُ أَصْحَابُنَا هَذَا تَأْوِيلَيْنِ أحدهما أن سودة بنت زمعة أخت عبد اسْتَلْحَقَتْهُ مَعَهُ وَوَافَقَتْهُ فِي ذَلِكَ حَتَّى تَكُونَ كُلُّ الْوَرَثَةِ مُسْتَلْحِقِينَ وَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي أَنَّ زَمْعَةَ مَاتَ كَافِرًا فَلَمْ تَرِثْهُ سَوْدَةُ لِكَوْنِهَا مُسْلِمَةً وَوَرِثَهُ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ فَأَمَرَهَا بِهِ نَدْبًا وَاحْتِيَاطًا لِأَنَّهُ فِي ظَاهِرِ الشَّرْعِ أَخُوهَا لِأَنَّهُ أُلْحِقَ بِأَبِيهَا لَكِنْ لَمَّا رَأَى الشَّبَهَ الْبَيِّنَ بِعُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ خَشِيَ أَنْ يَكُونَ مِنْ مَائِهِ فَيَكُونَ أَجْنَبِيًّا مِنْهَا فَأَمَرَهَا بِالِاحْتِجَابِ مِنْهُ احْتِيَاطًا قَالَ الْمَازِرِيُّ وَزَعَمَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ إِنَّمَا أَمَرَهَا بِالِاحْتِجَابِ لِأَنَّهُ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ احْتَجِبِي مِنْهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِأَخٍ لَكِ وَقَوْلُهُ لَيْسَ بِأَخٍ لَكِ لَا يُعْرَفُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَلْ هِيَ زيادة باطلة مردودة وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَضِيَ اللَّهُ عنه كانت عادة الجاهلية إلحاق النسب بالزنى وكانوا يستأجرون الإماء لِلزِّنَا فَمَنِ اعْتَرَفَتِ الْأُمُّ بِأَنَّهُ لَهُ أَلْحَقُوهُ بِهِ فَجَاءَ الْإِسْلَامُ بِإِبْطَالِ ذَلِكَ وَبِإِلْحَاقِ الْوَلَدِ بِالْفِرَاشِ الشَّرْعِيِّ فَلَمَّا تَخَاصَمَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَقَامَ سَعْدٌ بِمَا عَهِدَ إِلَيْهِ أَخُوهُ عُتْبَةُ مِنْ سِيرَةِ الْجَاهِلِيَّةِ وَلَمْ يَعْلَمْ سَعْدٌ بُطْلَانَ ذَلِكَ فِي الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَكُنْ حَصَلَ إِلْحَاقُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِمَّا لِعَدَمِ الدَّعْوَى وَإِمَّا لِكَوْنِ الْأُمِّ لَمْ تَعْتَرِفْ بِهِ لِعُتْبَةَ وَاحْتَجَّ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ بِأَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِيهِ فَحَكَمَ لَهُ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ (رَأَى شَبَهًا بَيِّنًا بِعُتْبَةَ ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الشَّبَهَ وَحُكْمَ الْقَافَةِ إِنَّمَا يُعْتَمَدُ إِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَقْوَى مِنْهُ كَالْفِرَاشِ كَمَا لَمْ يَحْكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالشَّبَهِ فِي قِصَّةِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ مَعَ أَنَّهُ جَاءَ عَلَى الشَّبَهِ الْمَكْرُوهِ وَاحْتَجَّ بَعْضُ

<<  <  ج: ص:  >  >>