وَلَكَ الْآخِرَةُ وَفِي بَعْضِهَا لَهُمُ الدُّنْيَا وَفِي أَكْثَرِهَا لَهُمَا بِالتَّثْنِيَةِ وَأَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ لَهُمُ الدُّنْيَا وَلَنَا الْآخِرَةُ وَكُلُّهُ صَحِيحٌ قَوْلُهُ (وَكَانَ آلَى مِنْهُنَّ شَهْرًا) هُوَ بِمَدِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَمَعْنَاهُ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا وَلَيْسَ هُوَ مِنَ الْإِيلَاءِ الْمَعْرُوفِ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ وَلَا لَهُ حُكْمُهُ وَأَصْلُ الْإِيلَاءِ فِي اللُّغَةِ الْحَلِفُ عَلَى الشَّيْءِ يقال منه آلى يؤالى ايلاء تَأَلِّيًا وَائْتَلَى ائْتِلَاءً وَصَارَ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ مُخْتَصًّا بِالْحَلِفِ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ وَطْءِ الزَّوْجَةِ وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا إِلَّا مَا حُكِيَ عن بن سِيرِينَ أَنَّهُ قَالَ الْإِيلَاءُ الشَّرْعِيُّ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِالزَّوْجَةِ مِنْ تَرْكِ جِمَاعٍ أَوْ كَلَامٍ أَوْ إِنْفَاقٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ مُجَرَّدَ الْإِيلَاءِ لَا يُوجِبُ فِي الْحَالِ طَلَاقًا وَلَا كَفَّارَةً وَلَا مُطَالَبَةً ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي تَقْدِيرِ مُدَّتِهِ فَقَالَ عُلَمَاءُ الْحِجَازِ وَمُعْظَمُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ الْمُؤْلِي مَنْ حَلَفَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ حَلَفَ عَلَى أَرْبَعَةٍ فَلَيْسَ بِمُؤْلٍ وقال الْكُوفِيُّونَ هُوَ مَنْ حَلَفَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فأكثر وشذ بن أبي ليلى والحسن وبن شُبْرُمَةَ فِي آخَرِينَ فَقَالُوا إِذَا حَلَفَ لَا يُجَامِعُهَا يَوْمًا أَوْ أَقَلَّ ثُمَّ تَرَكَهَا حَتَّى مضت أربعة أشهر فهو مؤل وعن بن عُمَرَ أَنَّ كُلَّ مَنْ وَقَّتَ فِي يَمِينِهِ وَقْتًا وَإِنْ طَالَتْ مُدَّتُهُ فَلَيْسَ بِمُؤْلٍ وَإِنَّمَا الْمُؤْلِي مَنْ حَلَفَ عَلَى الْأَبَدِ قَالَ وَلَا خِلَافَ بَيْنهُمْ أَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ قبل أربعة أشهر ولا خلاف أنه لَوْ جَامَعَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ سَقَطَ الْإِيلَاءُ فَأَمَّا إِذَا لَمْ يُجَامِعْ حَتَّى انْقَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَقَالَ الْكُوفِيُّونَ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَقَالَ عُلَمَاءُ الْحِجَازِ وَمِصْرَ وَفُقَهَاءُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ كُلُّهُمْ يُقَالُ لِلزَّوْجِ إِمَّا أَنْ تُجَامِعَ وَإِمَّا أَنْ تُطَلِّقَ فَإِنِ امْتَنَعَ طَلَّقَ الْقَاضِي عَلَيْهِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَبِهِ قَالَ الشافعي وأصحابه وعن مالك رواية كقول الكوفيون وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ أَنَّهُ لَا يُطَلِّقُ الْقَاضِي عَلَيْهِ بَلْ يُجْبَرُ عَلَى الْجِمَاعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute