للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفَارَقَهَا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاكُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ كُلِّ مُتَلَاعِنَيْنِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى أَنَّهُ لَاعَنَ ثُمَّ لَاعَنَتْ ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْفُرْقَةِ بِاللِّعَانِ فَقَالَ مالك والشافعي والجمهور تقع الفرقة بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِنَفْسِ التَّلَاعُنِ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا عَلَى التَّأْبِيدِ لِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ لَكِنْ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ تَحْصُلُ الْفُرْقَةُ بِلِعَانِ الزَّوْجِ وَحْدَهُ وَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى لِعَانِ الزَّوْجَةِ وَقَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ تَتَوَقَّفُ عَلَى لِعَانِهَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا تَحْصُلُ الْفُرْقَةُ إِلَّا بِقَضَاءِ الْقَاضِي بِهَا بَعْدَ التَّلَاعُنِ لِقَوْلِهِ ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَقَالَ الْجُمْهُورُ لَا تَفْتَقِرُ إِلَى قَضَاءِ الْقَاضِي لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا وَالرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَفَارِقْهَا وَقَالَ اللَّيْثُ لَا أَثَرَ لِلِّعَانِ فِي الْفُرْقَةِ وَلَا يَحْصُلُ بِهِ فِرَاقٌ أَصْلًا وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِتَأْبِيدِ التَّحْرِيمِ فِيمَا اذا أكذب بَعْدَ ذَلِكَ نَفْسَهُ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ تَحِلُّ لَهُ لِزَوَالِ الْمَعْنَى الْمُحَرِّمِ وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمَا لَا تَحِلُّ لَهُ أَبَدًا لِعُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا فَهُوَ كَلَامٌ تَامٌّ مُسْتَقِلٌّ ثُمَّ ابْتَدَأَ فَقَالَ هِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا تَصْدِيقًا لِقَوْلِهِ فِي أَنَّهُ لَا يُمْسِكُهَا وَإِنَّمَا طَلَّقَهَا لِأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ اللِّعَانَ لَا يُحَرِّمُهَا عَلَيْهِ فَأَرَادَ تَحْرِيمَهَا بِالطَّلَاقِ فَقَالَ هِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا أَيْ لَا مِلْكَ لَكَ عَلَيْهَا فَلَا يَقَعُ طَلَاقُكَ وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْفُرْقَةَ تَحْصُلُ بِنَفْسِ اللِّعَانِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ جَمْعَ الطَّلَقَاتِ الثَّلَاثِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ لَيْسَ حَرَامًا وَمَوْضِعُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ إِطْلَاقَ لَفْظِ الثَّلَاثِ وَقَدْ يُعْتَرَضُ عَلَى هَذَا فَيُقَالُ إِنَّمَا لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَادِفِ الطَّلَاقُ مَحِلًّا مَمْلُوكًا لَهُ وَلَا نُفُوذًا وَيُجَابُ عَنْ هَذَا الِاعْتِرَاضِ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الثَّلَاثُ مُحَرَّمًا لَأَنْكَرَ عَلَيْهِ وَقَالَ لَهُ كَيْفَ تُرْسِلُ لَفْظَ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ مَعَ أَنَّهُ حَرَامٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وقال بن نَافِعٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ إِنَّمَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا بعد اللعان لِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إِظْهَارُ الطَّلَاقِ بَعْدَ اللِّعَانِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ حَصَلَتِ الْفُرْقَةُ بِنَفْسِ اللِّعَانِ وَهَذَا فَاسِدٌ وَكَيْفَ يُسْتَحَبُّ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُطَلِّقَ مَنْ صَارَتْ أَجْنَبِيَّةً وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ الْمَالِكِيُّ لَا تَحْصُلُ الْفُرْقَةُ بِنَفْسِ اللِّعَانِ وَاحْتَجَّ بِطَلَاقِ عُوَيْمِرٍ وَبِقَوْلِهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا وَتَأَوَّلَهُ الْجُمْهُورُ كَمَا سَبَقَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ (قَالَ بن شهاب فكانت سنة

<<  <  ج: ص:  >  >>