للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَنْقِيصِ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَأَنَّهُ مِنْ أَخْلَاقِ الْجَاهِلِيَّةِ قَوْلُهُ (قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ سَبَّ الرِّجَالَ سَبُّوا أَبَاهُ وَأُمَّهُ قَالَ يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ) مَعْنَى كَلَامِ أَبِي ذَرٍّ الِاعْتِذَارُ عَنْ سَبِّهِ أُمَّ ذَلِكَ الْإِنْسَانِ يَعْنِي أَنَّهُ سَبَّنِي وَمَنْ سَبَّ إِنْسَانًا سَبَّ ذَلِكَ الْإِنْسَانُ أَبَا السَّابِّ وَأُمَّهُ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ هَذَا مِنْ أَخْلَاقِ الْجَاهِلِيَّةِ وَإِنَّمَا يُبَاحُ لِلْمَسْبُوبِ أَنْ يَسُبَّ السَّابَّ نَفْسَهُ بِقَدْرِ مَا سَبَّهُ وَلَا يَتَعَرَّضُ لِأَبِيهِ وَلَا لِأُمِّهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هُمْ إِخْوَانُكُمْ جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ فَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ وَأَلْبِسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ) الضَّمِيرُ فِي هُمْ إِخْوَانُكُمْ يَعُودُ إِلَى الْمَمَالِيكِ وَالْأَمْرُ بِإِطْعَامِهِمْ مِمَّا يَأْكُلُ السَّيِّدُ وَإِلْبَاسُهُمْ مِمَّا يَلْبَسُ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ لَا عَلَى الْإِيجَابِ وَهَذَا بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَّا فِعْلُ أَبِي ذَرٍّ فِي كِسْوَةِ غُلَامِهِ مِثْلَ كِسْوَتِهِ فَعَمَلٌ بِالْمُسْتَحَبِّ وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ نَفَقَةُ الْمَمْلُوكِ وَكِسْوَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ بِحَسَبِ الْبُلْدَانِ وَالْأَشْخَاصِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِنْسِ نَفَقَةِ السَّيِّدِ وَلِبَاسِهِ أَوْ دُونَهُ أَوْ فَوْقَهُ حَتَّى لَوْ قَتَّرَ السَّيِّدُ عَلَى نَفْسِهِ تَقْتِيرًا خَارِجًا عَنْ عَادَةِ أَمْثَالِهِ إِمَّا زُهْدًا وَإِمَّا شُحًّا لَا يَحِلُّ لَهُ التَّقْتِيرُ عَلَى الْمَمْلُوكِ وَإِلْزَامُهُ وَمُوَافَقَتُهُ إِلَّا بِرِضَاهُ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُكَلِّفَهُ من العمل مالا يُطِيقُهُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَزِمَهُ إِعَانَتُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ قَوْلُهُ (فَإِنْ كَلَّفَهُ مَا يَغْلِبُهُ فَلْيَبِعْهُ) وَفِي رِوَايَةٍ فَلْيُعِنْهُ عَلَيْهِ وَهَذِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>