عَلَفًا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الْإِغْلَاظُ عَلَى الْجُنَاةِ وَرَبْطِهِمْ وَإِحْضَارِهِمْ إِلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ وَفِيهِ سُؤَالُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ جَوَابِ الدَّعْوَى فَلَعَلَّهُ يُقِرُّ فَيَسْتَغْنِي الْمُدَّعِي وَالْقَاضِي عَنِ التَّعَبِ فِي إِحْضَارِ الشُّهُودِ وَتَعْدِيلِهِمْ وَلِأَنَّ الْحُكْمَ بِالْإِقْرَارِ حُكْمٌ بِيَقِينٍ وَبِالْبَيِّنَةِ حُكْمٌ بِالظَّنِّ وَفِيهِ سُؤَالُ الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ الْوَلِيَّ عَنِ الْعَفْوِ عَنِ الْجَانِي وَفِيهِ جَوَازُ الْعَفْوِ بَعْدَ بُلُوغِ الْأَمْرِ إِلَى الْحَاكِمِ وَفِيهِ جَوَازُ أَخْذِ الدِّيَةِ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَمَامِ الْحَدِيثِ هَلْ لَكَ مِنْ شَيْءٍ تُؤَدِّيهِ عَنْ نَفْسِكَ وَفِيهِ قَبُولُ الْإِقْرَارِ بِقَتْلِ الْعَمْدِ قَوْلُهُ (فَانْطَلَقَ بِهِ الرَّجُلُ فَلَمَّا وَلَّى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ قَتَلَهُ فَهُوَ مِثْلُهُ فَرَجَعَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَلَغَنِي أَنَّكَ قُلْتَ إِنْ قَتَلَهُ فَهُوَ مِثْلُهُ وَأَخَذْتُهُ بِأَمْرِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَا تُرِيدُ أَنْ يَبُوءَ بِإِثْمِكَ وَإِثْمِ صَاحِبِكَ قَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَعَلَّهُ قَالَ بَلَى قَالَ فَإِنَّ ذَاكَ كَذَاكَ قَالَ فَرَمَى بِنِسْعَتِهِ وَخَلَّى سَبِيلَهُ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى إِنَّهُ انْطَلَقَ بِهِ فَلَمَّا أَدْبَرَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ أَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ قَتَلَهُ فَهُوَ مِثْلُهُ فَالصَّحِيحُ فِي تَأْوِيلِهِ أَنَّهُ مِثْلُهُ فِي أَنَّهُ لَا فَضْلَ وَلَا مِنَّةً لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى حَقَّهُ منه بخلاف ما لو عفى عَنْهُ فَإِنَّهُ كَانَ لَهُ الْفَضْلُ وَالْمِنَّةُ وَجَزِيلُ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَجَمِيلُ الثَّنَاءِ فِي الدُّنْيَا وَقِيلَ فَهُوَ مِثْلُهُ فِي أَنَّهُ قَاتِلٌ وَإِنِ اخْتَلَفَا في التحريم والإباحة لكنهما استويا في طاعتهما الْغَضَبَ وَمُتَابَعَةِ الْهَوَى لَا سِيَّمَا وَقَدْ طَلَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ الْعَفْوَ وَإِنَّمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَالَ بِهَذَا اللَّفْظِ الَّذِي هُوَ صَادِقٌ فيه لا يهام لمقصود صَحِيحٍ وَهُوَ أَنَّ الْوَلِيَّ رُبَّمَا خَافَ فَعَفَا وَالْعَفْوُ مَصْلَحَةٌ لِلْوَلِيِّ وَالْمَقْتُولِ فِي دِيَتِهِمَا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبُوءُ بِإِثْمِكَ وَإِثْمِ صَاحِبِكَ وَفِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْجَانِي وَهُوَ إِنْقَاذُهُ مِنَ الْقَتْلِ فَلَمَّا كَانَ الْعَفْوُ مَصْلَحَةً تَوَصَّلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute