للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالزنى لا يثبت ويرجم بِهِ الْمُقِرُّ حَتَّى يُقِرَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَآخَرُونَ يَثْبُتُ الْإِقْرَارُ بِهِ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَيُرْجَمُ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا وَلَمْ يَشْتَرِطْ عَدَدًا وَحَدِيثُ الْغَامِدِيَّةِ لَيْسَ فِيهِ إِقْرَارُهَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَاشْتَرَطَ بن أَبِي لَيْلَى وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِقْرَارَهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فِي أَرْبَعِ مَجَالِسَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم (أبك جنون) إنما قَالَهُ لِيَتَحَقَّقَ حَالَهُ فَإِنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُصِرُّ عَلَى الْإِقْرَارِ بِمَا يَقْتَضِي قَتْلَهُ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ مَعَ أَنَّ لَهُ طَرِيقًا إِلَى سُقُوطِ الْإِثْمِ بِالتَّوْبَةِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى أَنَّهُ سَأَلَ قَوْمَهُ عَنْهُ فَقَالُوا مَا نَعْلَمُ به بأسا وهذا مبالغة في تحقق حَالِهِ وَفِي صِيَانَةِ دَمِ الْمُسْلِمِ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ إِقْرَارَ الْمَجْنُونِ بَاطِلٌ وَأَنَّ الْحُدُودَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ وَهَذَا كُلُّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هَلْ أُحْصِنْتَ) فِيهِ أَنَّ الْإِمَامَ يَسْأَلُ عَنْ شُرُوطِ الرَّجْمِ مِنَ الْإِحْصَانِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ أَمْ بِالْبَيِّنَةِ وَفِيهِ مُؤَاخَذَةُ الْإِنْسَانِ بِإِقْرَارِهِ قَوْلُهُ (حَتَّى ثَنَى ذَلِكَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ) هُوَ بِتَخْفِيفِ النُّونِ أَيْ كَرَّرَهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَفِيهِ التَّعْرِيضُ للمقر بالزنى بِأَنْ يَرْجِعَ وَيُقْبَلُ رُجُوعُهُ بِلَا خِلَافٍ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ) فيه جوار اسْتِنَابَةِ الْإِمَامِ مَنْ يُقِيمُ الْحَدَّ قَالَ الْعُلَمَاءُ لَا يَسْتَوْفِي الْحَدَّ إِلَّا الْإِمَامُ أَوْ مَنْ فَوَّضَ ذَلِكَ إِلَيْهِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَكْفِي الرَّجْمُ وَلَا يُجْلَدُ مَعَهُ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ الْخِلَافِ فِي هَذَا قَوْلُهُ (فَرَجَمْنَاهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>