أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِوَلِيِّ الْغَامِدِيَّةِ
[١٦٩٦] (أَحْسِنْ إِلَيْهَا فَإِذَا وَضَعَتْ فَائْتِنِي بِهَا) هَذَا الْإِحْسَانُ لَهُ سَبَبَانِ أَحَدُهُمَا الْخَوْفُ عَلَيْهَا مِنْ أَقَارِبِهَا أَنْ تَحْمِلَهُمُ الْغَيْرَةُ وَلُحُوقُ الْعَارِ بِهِمْ أَنْ يُؤْذُوهَا فَأَوْصَى بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهَا تَحْذِيرًا لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ وَالثَّانِي أَمَرَ بِهِ رَحْمَةً لها إذ قد ثابت وحرص عَلَى الْإِحْسَانِ إِلَيْهَا لِمَا فِي نُفُوسِ النَّاسِ مِنَ النُّفْرَةِ مِنْ مِثْلِهَا وَإِسْمَاعِهَا الْكَلَامَ الْمُؤْذِي وَنَحْوَ ذَلِكَ فَنَهَى عَنْ هَذَا كُلِّهِ قَوْلُهُ (فَأَمَرَ بِهَا فَشُكَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ) هَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَمِ النُّسَخِ فَشُكَّتْ وَفِي بَعْضِهَا فَشُدَّتْ بِالدَّالِ بَدَلَ الْكَافِ وَهُوَ مَعْنَى الْأَوَّلِ وَفِي هَذَا اسْتِحْبَابُ جَمْعِ أَثْوَابِهَا عَلَيْهَا وَشَدِّهَا بِحَيْثُ لَا تَنْكَشِفُ عَوْرَتُهَا فِي تَقَلُّبِهَا وَتَكْرَارِ اضْطِرَابِهَا وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا تُرْجَمُ إِلَّا قَاعِدَةً وَأَمَّا الرَّجُلُ فَجُمْهُورُهُمْ عَلَى أَنَّهُ يُرْجَمُ قَائِمًا وَقَالَ مَالِكٌ قَاعِدًا وَقَالَ غَيْرُهُ يُخَيَّرُ الْإِمَامُ بَيْنَهُمَا قَوْلُهُ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ (فَأَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ) وَفِي بَعْضِهَا وَأَمَرَ النَّاسَ فَرَجَمُوهَا وَفِي حَدِيثِ مَاعِزٍ أَمَرَنَا أَنْ نَرْجُمَهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ فِيهَا كُلِّهَا دَلَالَةٌ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَمُوَافِقِيهِمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْإِمَامَ حُضُورُ الرَّجْمِ وَكَذَا لَوْ ثَبَتَ بِشُهُودٍ لَمْ يَلْزَمْهُ الْحُضُورُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute