للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ عَلَيْهِ وَفِيهِ جَوَازُ اسْتِفْتَاءِ الْمَفْضُولِ مَعَ وُجُودِ أَفْضَلُ مِنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ رَدٌّ) أَيْ مَرْدُودَةٌ وَمَعْنَاهُ يَجِبُ رَدُّهَا إِلَيْكَ وَفِي هَذَا أَنَّ الصُّلْحَ الْفَاسِدَ يُرَدُّ وَأَنَّ أَخْذَ الْمَالِ فِيهِ بَاطِلٌ يجب رده وأن الحدود لاتقبل الْفِدَاءَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ) هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الِابْنَ كَانَ بِكْرًا وَعَلَى أَنَّهُ اعترف وإلا فإقرار الأب عليه لايقبل أَوْ يَكُونُ هَذَا إِفْتَاءً أَيْ إِنْ كَانَ ابْنُكَ زَنَى وَهُوَ بِكْرٌ فَعَلَيْهِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (واغد ياأنيس عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا فَغَدَا عَلَيْهَا فَاعْتَرَفَتْ فَأَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ) أُنَيْسٌ هَذَا صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ وَهُوَ أُنَيْسُ بْنُ الضَّحَّاكِ الْأَسْلَمِيُّ معدود في الشاميين وقال بن عَبْدِ الْبَرِّ هُوَ أُنَيْسُ بْنُ مَرْثَدٍ وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ وَأَنَّهُ أَسْلَمِيٌّ وَالْمَرْأَةُ أَيْضًا أَسْلَمِيَّةٌ وَاعْلَمْ أَنَّ بَعْثَ أُنَيْسٍ مَحْمُولٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ عَلَى إِعْلَامِ الْمَرْأَةِ بِأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَذَفَهَا بِابْنِهِ فَيُعَرِّفُهَا بِأَنَّ لَهَا عِنْدَهُ حَدُّ الْقَذْفِ فَتُطَالِبُ بِهِ أَوْ تعفو عنه إلا أن تعترف بالزنى فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ بَلْ يَجِبُ عليها حد الزنى وَهُوَ الرَّجْمُ لِأَنَّهَا كَانَتْ مُحْصَنَةً فَذَهَبَ إِلَيْهَا أنيس فاعترفت بالزنى فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجْمِهَا فَرُجِمَتْ وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا التَّأْوِيلِ لِأَنَّ ظاهره أنه بعث لإقامة حد الزنى وهذا غير مراد لأن حد الزنى لَا يَحْتَاجُ لَهُ بِالتَّجَسُّسِ وَالتَّفْتِيشِ عَنْهُ بَلْ لَوْ أَقَرَّ بِهِ الزَّانِي اسْتُحِبَّ أَنْ يُلَقَّنَ الرُّجُوعَ كَمَا سَبَقَ فَحِينَئِذٍ يَتَعَيَّنُ التَّأْوِيلُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>