الْمَعَاصِيَ غَيْرَ الْكُفْرِ لَا يُقْطَعُ لِصَاحِبِهَا بِالنَّارِ إِذَا مَاتَ وَلَمْ يَتُبْ مِنْهَا بَلْ هُوَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ خِلَافًا لِلْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ فَإِنَّ الْخَوَارِجَ يُكَفِّرُونَ بِالْمَعَاصِي وَالْمُعْتَزِلَةَ يَقُولُونَ لَا يَكْفُرُ وَلَكِنْ يُخَلَّدُ فِي النَّارِ وَسَبَقَتِ الْمَسْأَلَةُ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ مَبْسُوطَةً بِدَلَائِلِهَا وَمِنْهَا أَنَّ مَنِ ارْتَكَبَ ذَنْبًا يُوجِبُ الْحَدَّ فَحُدَّ سَقَطَ عَنْهُ الْإِثْمُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ الْحُدُودُ كَفَّارَةٌ اسْتِدْلَالًا بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ وَمِنْهُمْ مَنْ وَقَفَ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا أَدْرِي الْحُدُودُ كَفَّارَةٌ قَالَ وَلَكِنَّ حَدِيثَ عُبَادَةَ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ أَصَحُّ إِسْنَادًا وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ فَيَحْتَمِلُ أَنَّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ قَبْلَ حَدِيثِ عُبَادَةَ فَلَمْ يَعْلَمْ ثُمَّ عَلِمَ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَمِنْ نَفِيسِ الْكَلَامِ وَجَزْلِهِ قَوْلُهُ وَلَا نَعْصِي فَالْجَنَّةُ إِنْ فَعَلْنَا ذَلِكَ وَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَلَمْ يَقُلْ فَالْجَنَّةُ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى وَلَا نَعْصِيَ وَقَدْ يَعْصِي الْإِنْسَانُ بِغَيْرِ الذُّنُوبِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَشُرْبِ الْخَمْرِ وَأَكْلِ الرِّبَا وَشَهَادَةِ الزُّورِ وَقَدْ يَتَجَنَّبُ الْمَعَاصِيَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْحَدِيثِ وَيُعْطَى أَجْرَهُ عَلَى ذَلِكَ وَتَكُونُ لَهُ مَعَاصٍ غَيْرَ ذَلِكَ فَيُجَازَى بِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute