للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ يَجُزْ لَهُ دَفْعُهَا إِلَيْهِ وَإِنْ صَدَّقَهُ جَازَ لَهُ الدَّفْعُ إِلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُهُ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ هَذَا كُلُّهُ إِذَا جَاءَ قَبْلَ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا الْمُلْتَقِطُ فَأَمَّا إِذَا عَرَّفَهَا سَنَةً وَلَمْ يَجِدْ صَاحِبَهَا فَلَهُ أَنْ يُدِيمَ حِفْظَهَا لصَاحِبِهَا وَلَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا سَوَاءٌ كَانَ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَإِنْ أَرَادَ تَمَلُّكَهَا فَمَتَى يَمْلِكُهَا فِيهِ أَوْجُهٌ لِأَصْحَابِنَا أَصَحُّهَا لَا يَمْلِكُهَا حَتَّى يَتَلَفَّظَ بِالتَّمَلُّكِ بِأَنْ يَقُولَ تَمَلَّكْتُهَا أَوِ اخْتَرْتُ تَمَلُّكَهَا وَالثَّانِي لَا يَمْلِكُهَا إِلَّا بِالتَّصَرُّفِ فِيهَا بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ وَالثَّالِثُ يَكْفِيهِ نِيَّةُ التَّمَلُّكِ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى لَفْظٍ وَالرَّابِعُ يَمْلِكُ بِمُجَرَّدِ مُضِيِّ السَّنَةِ فَإِذَا تَمَلَّكَهَا وَلَمْ يَظْهَرْ لَهَا صَاحِبٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بَلْ هُوَ كَسْبٌ مِنْ أَكْسَابِهِ لَا مُطَالَبَةَ عَلَيْهِ بِهِ فِي الْآخِرَةِ وَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا بَعْدَ تَمَلُّكِهَا أَخَذَهَا بِزِيَادَتِهَا الْمُتَّصِلَةِ دُونَ الْمُنْفَصِلَةِ فَإِنْ كَانَتْ قَدْ تَلِفَتْ بَعْدَ التَّمَلُّكِ لَزِمَ الْمُلْتَقِطَ بَدَلُهَا عِنْدَنَا وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ وَقَالَ دَاوُدُ لَا يَلْزَمُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (فَضَالَّةُ الْغَنَمِ قَالَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ) مَعْنَاهُ الْإِذْنُ فِي أَخْذِهَا بِخِلَافِ الْإِبِلِ وَفَرَّقَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا وَبَيَّنَ الْفَرْقَ بِأَنَّ الْإِبِلَ مُسْتَغْنِيَةٌ عَنْ مَنْ يَحْفَظُهَا لِاسْتِقْلَالِهَا بِحِذَائِهَا وَسِقَائِهَا وَوُرُودِهَا الْمَاءَ وَالشَّجَرَ وَامْتِنَاعِهَا مِنَ الذِّئَابِ وَغَيْرِهَا مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ وَالْغَنَمُ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَلَكَ أَنْ تَأْخُذَهَا أَنْتَ أَوْ صَاحِبُهَا أَوْ أَخُوكَ الْمُسْلِمُ الَّذِي يَمُرُّ بِهَا أَوِ الذِّئْبُ فَلِهَذَا جَازَ أَخْذُهَا دُونَ الْإِبِلِ ثُمَّ إِذَا أَخَذَهَا وَعَرَّفَهَا سَنَةً وَأَكَلَهَا ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُهَا لَزِمَتْهُ غَرَامَتُهَا عِنْدَنَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ مَالِكٌ لَا تَلْزَمُهُ غَرَامَتُهَا لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَذْكُرْ لَهُ غَرَامَةً وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَأَعْطِهَا إِيَّاهُ وَأَجَابُوا عَنْ دَلِيلِ مَالِكٍ بِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْغَرَامَةَ وَلَا نَفَاهَا وَقَدْ عُرِفَ وُجُوبُهَا بِدَلِيلٍ آخَرَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (عَرِّفْهَا سَنَةً ثُمَّ اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا ثُمَّ اسْتَنْفِقْ بِهَا) هَذَا رُبَّمَا أَوْهَمَ أَنَّ مَعْرِفَةَ الْوِكَاءِ وَالْعِفَاصِ تَتَأَخَّرُ عَلَى تَعْرِيفِهَا سَنَةً وَبَاقِي الرِّوَايَاتِ صَرِيحَةٌ فِي تَقْدِيمِ الْمَعْرِفَةِ عَلَى التَّعْرِيفِ فَيُجَابُ عَنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ هَذِهِ مَعْرِفَةٌ أُخْرَى وَيَكُونُ مَأْمُورًا بِمَعْرِفَتَيْنِ فَيَتَعَرَّفُهَا أَوَّلَ مَا يَلْتَقِطُهَا حَتَّى يَعْلَمَ صِدْقَ وَاصِفِهَا إِذَا وَصَفَهَا وَلِئَلَّا تَخْتَلِطَ وَتَشْتَبِهَ فَإِذَا عَرَّفَهَا سَنَةً وَأَرَادَ تَمَلُّكَهَا اسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَتَعَرَّفَهَا أَيْضًا مَرَّةً أُخْرَى تَعَرُّفًا وَافِيًا مُحَقَّقًا لِيَعْلَمَ قَدْرَهَا وَصِفَتَهَا فَيَرُدَّهَا إِلَى صَاحِبِهَا إِذَا جَاءَ بَعْدَ تَمَلُّكِهَا وَتَلَفِهَا وَمَعْنَى اسْتَنْفِقْ بِهَا تَمَلَّكْهَا ثُمَّ أَنْفِقْهَا عَلَى نَفْسِكَ قَوْلُهُ (فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>