الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ وَاقْتَصَّ الْحَدِيثَ وَقَوْلَهُ فِي الثَّانِي وَسَاقَ الْحَدِيثَ يَعْنِي بِهِمَا الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ فِي الطَّرِيقِ الثَّالِثِ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُمَا وَهُوَ قَوْلُهُ وَحَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ وَهَذَا غَرِيبٌ مِنْ عَادَةِ مُسْلِمٍ فَاحْفَظْ مَا حَقَّقْتُهُ لَكَ فَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ الْكُتَّابِ غَلِطَ فِيهِ وَتَوَهَّمَ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالْحَدِيثِ السَّابِقِ قَبْلَهُمَا كَمَا هُوَ الْغَالِبُ الْمَعْرُوفُ مِنْ عَادَةِ مُسْلِمٍ حَتَّى إِنَّ هَذَا الْمُشَارَ إِلَيْهِ تَرْجَمَ لَهُ بَابًا مُسْتَقِلًّا وَتَرْجَمَ لِلطَّرِيقِ الثَّالِثِ بَابًا آخَرَ وَهَذَا غَلَطٌ فَاحِشٌ فَاحْذَرْهُ وَإِذَا تَدَبَّرْتَ الطُّرُقَ الْمَذْكُورَةَ تَيَقَّنْتَ مَا حَقَقْتُهُ لَكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاسْمُ أَبِي مُحَمَّدٍ هَذَا نَافِعُ بْنُ عَبَّاسٍ الْأَقْرَعُ الْمَدَنِيُّ الْأَنْصَارِيُّ مَوْلَاهُمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ ثَلَاثَةٌ تَابِعِيُّونَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَهُمْ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَعُمَرُ وَأَبُو مُحَمَّدٍ قَوْلُهُ (كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ) بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ انهزام وخيفة ذهبوا فيه وَهَذَا إِنَّمَا كَانَ فِي بَعْضِ الْجَيْشِ وَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَائِفَةٌ مَعَهُ فَلَمْ يُوَلُّوا وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِذَلِكَ مَشْهُورَةٌ وَسَيَأْتِي بَيَانُهَا فِي مَوَاضِعِهَا وَقَدْ نَقَلُوا إِجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ انْهَزَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَرْوِ أَحَدٌ قَطُّ أَنَّهُ انْهَزَمَ بِنَفْسِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَوْطِنٍ مِنَ الْمَوَاطِنِ بَلْ ثَبَتَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِإِقْدَامِهِ وَثَبَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَمِيعِ الْمَوَاطِنِ قَوْلُهُ (فَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَدْ عَلَا رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) يَعْنِي ظَهَرَ عَلَيْهِ وَأَشْرَفَ عَلَى قَتْلِهِ أَوْ صَرْعِهِ وَجَلَسَ عَلَيْهِ لِقَتْلِهِ قَوْلُهُ (فَضَرَبْتُهُ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ) هُوَ مَا بَيْنَ الْعُنُقِ وَالْكَتِفِ قَوْلُهُ (فَضَمَّنِي ضَمَّةً وَجَدْتُ مِنْهَا رِيحَ الْمَوْتِ) يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ شِدَّةً كَشِدَّةِ الْمَوْتِ وَيَحْتَمِلُ قَارَبْتُ الْمَوْتَ قَوْلُهُ (ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ رَجَعُوا وَجَلَسَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ والليث والثوري وأبو ثور وأحمد وإسحاق وبن جَرِيرٍ وَغَيْرُهُمْ يَسْتَحِقُّ الْقَاتِلُ سَلَبَ الْقَتِيلِ فِي جميع الحروب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute