للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا مِنْهُ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهَا أَعْطَتْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثِمَارَهَا يَفْعَلُ فِيهَا مَا شَاءَ مِنْ أَكْلِهِ بِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ وَضَيْفِهِ وَإِيثَارِهِ بِذَلِكَ لِمَنْ شَاءَ فَلِهَذَا آثَرَ بِهَا أُمَّ أَيْمَنَ وَلَوْ كَانَتْ إِبَاحَةً لَهُ خَاصَّةً لَمَا أَبَاحَهَا لِغَيْرِهِ لِأَنَّ الْمُبَاحَ لَهُ بِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُبِيحَ ذَلِكَ الشَّيْءَ لِغَيْرِهِ بِخِلَافِ الْمَوْهُوبِ لَهُ نَفْسُ رَقَبَةِ الشَّيْءِ فَإِنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ قَوْلُهُ (رَدَّ الْمُهَاجِرُونَ إِلَى الْأَنْصَارِ مَنَائِحَهُمُ الَّتِي كَانُوا مَنَحُوهُمْ مِنْ ثِمَارِهِمْ) هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ منائح ثمار أي إباحة للثمار لا تمليك لا رقاب النَّخْلِ فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ هِبَةً لِرَقَبَةِ النَّخْلِ لَمْ يَرْجِعُوا فِيهَا فَإِنَّ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ بَعْدَ الْقَبْضِ لَا يَجُوزُ وَإِنَّمَا كَانَتْ إِبَاحَةً كَمَا ذَكَرْنَا وَالْإِبَاحَةُ يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهَا مَتَى شَاءَ وَمَعَ هَذَا لَمْ يَرْجِعُوا فِيهَا حَتَّى اتَّسَعَتِ الْحَالُ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ بِفَتْحِ خَيْبَرَ وَاسْتَغْنَوْا عَنْهَا فَرَدُّوهَا عَلَى الْأَنْصَارِ فَقَبِلُوهَا وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لهم ذلك قوله (قال بن شِهَابٍ وَكَانَ مِنْ شَأْنِ أُمِّ أَيْمَنَ أُمِّ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهَا كَانَتْ وَصِيفَةً لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَكَانَتْ مِنَ الْحَبَشَةِ) هذا تصريح من بن شِهَابٍ أَنَّ أُمَّ أَيْمَنَ أُمَّ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ حَبَشِيَّةٌ وَكَذَا قَالَهُ الْوَاقِدِيُّ وَغَيْرُهُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمُؤَرِّخِينَ أَنَّهَا كَانَتْ مِنْ سَبْيِ الْحَبَشَةِ أَصْحَابِ الْفِيلِ وَقِيلَ إِنَّهَا لَمْ تَكُنْ حَبَشِيَّةً وَإِنَّمَا الْحَبَشِيَّةُ امْرَأَةٌ أُخْرَى وَاسْمُ أُمِّ أَيْمَنَ الَّتِي هِيَ أُمُّ أُسَامَةَ بَرَكَةُ كُنِّيَتْ بِابْنِهَا أَيْمَنَ بْنِ عُبَيْدٍ الْحَبَشِيِّ صَحَابِيٌّ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ خَيْبَرَ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>