للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَإِنْ كَانَ الْمَبْعُوثُ إِلَيْهِ كَافِرًا وَمِنْهَا ٤ أَنَّ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ فهو أجزم الْمُرَادُ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا الْكِتَابُ كَانَ ذَا بَالٍ بَلْ مِنَ الْمُهِمَّاتِ الْعِظَامِ وَبَدَأَ فِيهِ بِالْبَسْمَلَةِ دُونَ الْحَمْدِ وَمِنْهَا ٥ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُسَافِرَ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ بِالْآيَةِ وَالْآيَتَيْنِ وَنَحْوِهِمَا وَأَنْ يَبْعَثَ بِذَلِكَ إِلَى الْكُفَّارِ وَإِنَّمَا نَهَى عَنِ الْمُسَافَرَةِ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ أَيْ بِكُلِّهِ أَوْ بِجُمْلَةٍ مِنْهُ وَذَلِكَ أَيْضًا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا خِيفَ وُقُوعُهُ فِي أَيْدِي الْكُفَّارِ وَمِنْهَا ٦ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُحْدِثِ وَالْكَافِرِ مَسُّ آيَةٍ أَوْ آيَاتٍ يَسِيرَةٍ مَعَ غَيْرِ الْقُرْآنِ وَمِنْهَا ٧ أَنَّ السُّنَّةَ فِي الْمُكَاتَبَةِ وَالرَّسَائِلِ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ يَبْدَأَ الْكَاتِبُ بِنَفْسِهِ فَيَقُولُ مِنْ زَيْدٍ إِلَى عَمْرٍو وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا قَالَ الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ فِي كِتَابِهِ صِنَاعَةُ الْكِتَابِ قَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ بِنَفْسِهِ كَمَا ذَكَرْنَا ثُمَّ رَوَى فِيهِ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً وَآثَارًا قَالَ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّهُ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ قَالَ وَسَوَاءٌ فِي هَذَا تَصْدِيرُ الْكِتَابِ وَالْعُنْوَانِ قَالَ وَرَخَّصَ جَمَاعَةٌ فِي أَنْ يَبْدَأَ بِالْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ فَيَقُولَ فِي التَّصْدِيرِ وَالْعُنْوَانِ إِلَى فُلَانٍ مِنْ فُلَانٍ ثُمَّ رَوَى بِإِسْنَادِهِ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَبَدَأَ باسم معاوية وعن محمد بن الْحَنَفِيَّةِ وَبَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ قَالَ وَأَمَّا الْعُنْوَانُ فَالصَّوَابُ أَنْ يَكْتُبَ عَلَيْهِ إِلَى فُلَانٍ وَلَا يَكْتُبَ لِفُلَانٍ لِأَنَّهُ إِلَيْهِ لَا لَهُ إِلَّا عَلَى مَجَازٍ قَالَ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمِنْهَا ٨ التَّوَقِّي فِي الْمُكَاتَبَةِ وَاسْتِعْمَالُ الْوَرَعِ فِيهَا فَلَا يُفْرِطُ وَلَا يُفَرِّطُ وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ فَلَمْ يَقُلْ مَلِكِ الرُّومِ لِأَنَّهُ لَا مُلْكَ لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ إِلَّا بِحُكْمِ دِينِ الْإِسْلَامِ وَلَا سُلْطَانَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِمَنْ وَلَّاهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ وَلَّاهُ مَنْ أَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَرْطٍ وَإِنَّمَا يَنْفُذُ مِنْ تَصَرُّفَاتِ الْكُفَّارِ مَا تُنْفِذُهُ الضَّرُورَةُ وَلَمْ يَقُلْ إِلَى هِرَقْلَ فَقَطْ بَلْ أَتَى بِنَوْعٍ مِنَ الْمُلَاطَفَةِ فَقَالَ عَظِيمِ الرُّومِ أَيِ الَّذِي يُعَظِّمُونَهُ وَيُقَدِّمُونَهُ وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِإِلَانَةِ الْقَوْلِ لِمَنْ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ فَقَالَ تَعَالَى ادْعُ إِلَى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وقال تعالى فقولا له قولا لينا وَغَيْرَ ذَلِكَ وَمِنْهَا ٩ اسْتِحْبَابُ الْبَلَاغَةِ وَالْإِيجَازِ وَتَحَرِّي الْأَلْفَاظِ الْجَزْلَةِ فِي الْمُكَاتَبَةِ فَإِنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْلِمْ تَسْلَمْ فِي نِهَايَةٍ مِنَ الِاخْتِصَارِ وَغَايَةٍ مِنَ الْإِيجَازِ وَالْبَلَاغَةِ وَجَمْعِ الْمَعَانِي مَعَ مَا فِيهِ مِنْ بَدِيعِ التَّجْنِيسِ وَشُمُولِهِ لِسَلَامَتِهِ مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا بِالْحَرْبِ وَالسَّبْيِ وَالْقَتْلِ وَأَخْذِ الدِّيَارِ وَالْأَمْوَالِ وَمِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>