أُحْصِرَ عِنْدَ الْبَيْتِ وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ رواية جميع الرواة سوى بن الْحَذَّاءِ فَإِنَّ فِي رِوَايَتِهِ عَنِ الْبَيْتِ وَهُوَ الوجه وأما أحصر وَحُصِرَ فَسَبَقَ بَيَانُهُمَا فِي كِتَابِ الْحَجِّ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَرِنِي مَكَانَهَا فَأَرَاهُ مكانها فمحاها وكتب بن عَبْدِ اللَّهِ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ احْتَجَّ بِهَذَا اللَّفْظِ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتب ذَلِكَ بِيَدِهِ عَلَى ظَاهِرِ هَذَا اللَّفْظِ وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ نَحْوَهُ مِنْ رِوَايَةِ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ وَقَالَ فِيهِ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكِتَابَ فَكَتَبَ وَزَادَ عَنْهُ فِي طَرِيقٍ آخَرَ وَلَا يُحْسِنُ أَنْ يَكْتُبَ فَكَتَبَ قَالَ أَصْحَابُ هَذَا الْمَذْهَبِ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَجْرَى ذَلِكَ عَلَى يَدِهِ إِمَّا بِأَنْ كَتَبَ ذَلِكَ الْقَلَمُ بِيَدِهِ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِمَا يَكْتُبُ أَوْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلَّمَهُ ذَلِكَ حِينَئِذٍ حَتَّى كَتَبَ وَجَعَلَ هَذَا زيادة في معجزته فإنه كان أميا فكما علمه مالم يعلم من العلم وجعله يقرأ مالم يقرأ ويتلو مالم يكن يتلو كذلك علمه أن يكتب مالم يكن يكتب وخط مالم يكن يَخُطَّ بَعْدَ النُّبُوَّةِ أَوْ أَجْرَى ذَلِكَ عَلَى يَدِهِ قَالُوا وَهَذَا لَا يَقْدَحُ فِي وَصْفِهِ بِالْأُمِّيَّةِ وَاحْتَجُّوا بِآثَارٍ جَاءَتْ فِي هَذَا عَنِ الشعبي وبعض السلف وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَمُتْ حَتَّى كَتَبَ قَالَ الْقَاضِي وَإِلَى جَوَازِ هَذَا ذَهَبَ الْبَاجِيُّ وَحَكَاهُ عَنِ السِّمَنَانِيِّ وَأَبِي ذَرٍّ وَغَيْرِهِ وَذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ إِلَى مَنْعِ هَذَا كُلِّهِ قَالُوا وَهَذَا الَّذِي زَعَمَهُ الذَّاهِبُونَ إِلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يُبْطِلُهُ وَصْفُ اللَّهِ تَعَالَى إِيَّاهُ بِالنَّبِيِّ الْأُمِّيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوْلُهُ تَعَالَى وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كتاب ولا تخطه بيمينك وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسِبُ قَالُوا وَقَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَتَبَ مَعْنَاهُ أَمَرَ بِالْكِتَابَةِ كَمَا يُقَالُ رَجَمَ مَاعِزًا وَقَطَعَ السَّارِقَ وَجَلَدَ الشَّارِبَ أَيْ أَمَرَ بِذَلِكَ وَاحْتَجُّوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute