فَخِذِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ وَقَعَ بَصَرُهُ عَلَيْهِ فَجْأَةً لَا أَنَّهُ تَعَمَّدَهُ وَأَمَّا رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَسَرَ الْإِزَارَ فَمَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّهُ انْحَسَرَ كَمَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَأَجَابَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ عَنْ هَذَا فَقَالَ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ أَنْ يَبْتَلِيَهُ بِانْكِشَافِ عَوْرَتِهِ وَأَصْحَابُنَا يُجِيبُونَ عَنْ هَذَا بِأَنَّهُ إِذَا كَانَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ الْإِنْسَانِ فَلَا نَقْصَ عَلَيْهِ فِيهِ وَلَا يَمْتَنِعُ مِثْلُهُ قَوْلُهُ (اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ التَّكْبِيرِ عِنْدَ اللِّقَاءِ قَالَ الْقَاضِي قِيلَ تَفَاءَلَ بِخَرَابِهَا بِمَا رَآهُ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ آلَاتِ الْخَرَابِ مِنَ الْفُوسِ وَالْمَسَاحِي وَغَيْرِهَا وَقِيلَ أَخَذَهُ مِنَ اسْمِهَا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ أَعْلَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ) السَّاحَةُ الْفِنَاءُ وَأَصْلُهَا الْفَضَاءُ بَيْنَ الْمَنَازِلِ فَفِيهِ جَوَازُ الِاسْتِشْهَادِ فِي مِثْلِ هَذَا السِّيَاقِ بِالْقُرْآنِ فِي الْأُمُورِ الْمُحَقَّقَةِ وَقَدْ جَاءَ لِهَذَا نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ كَمَا سَبَقَ قَرِيبًا فِي فَتْحِ مَكَّةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ يَطْعُنُ فِي الْأَصْنَامِ وَيَقُولُ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ قَالَ الْعُلَمَاءُ يُكْرَهُ مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ عَلَى ضَرْبِ الْأَمْثَالِ فِي الْمُحَاوَرَاتِ وَالْمَزْحِ وَلَغْوِ الْحَدِيثِ فَيُكْرَهُ فِي كُلِّ ذَلِكَ تَعْظِيمًا لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى قَوْلُهُ (مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ) هُوَ الْجَيْشُ وَقَدْ فَسَّرَهُ بِذَلِكَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ قَالُوا سُمِّيَ خَمِيسًا لِأَنَّهُ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ مَيْمَنَةٌ وَمَيْسَرَةٌ وَمُقَدِّمَةٌ وَمُؤَخِّرَةٌ وَقَلْبٌ قَالَ الْقَاضِي وَرُوِّينَاهُ بِرَفْعِ الْخَمِيسُ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ مُحَمَّدٌ وَبِنَصَبِهَا عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مَعَهُ قَوْلُهُ (أَصَبْنَاهَا عَنْوَةً) هِيَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ أَيْ قَهْرًا لَا صُلْحًا قَالَ الْقَاضِي قَالَ الْمَازِرِيُّ ظَاهِرُ هَذَا أَنَّهَا كُلَّهَا فُتِحَتْ عَنْوَةً وَقَدْ رَوَى مَالِكٌ عَنِ بن شِهَابٍ أَنَّ بَعْضَهَا فُتِحَ عَنْوَةً وَبَعْضَهَا صُلْحًا قَالَ وَقَدْ يُشْكِلُ مَا رُوِيَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ قَسَمَهَا نِصْفَيْنِ نِصْفًا لِنَوَائِبِهِ وَحَاجَتِهِ وَنِصْفًا لِلْمُسْلِمِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute