للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخِلَافِ حُمُرِ الْوَحْشِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَهْرِيقُوهَا وَاكْسِرُوهَا) هَذَا يَدُلُّ عَلَى نَجَاسَةِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَهُوَ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ هَذَا الْحَدِيثِ وَشَرْحُهُ مَعَ بَيَانِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ وَمُخْتَصَرُ الْأَمْرِ بِإِرَاقَتِهِ أَنَّ السَّبَبَ الصَّحِيحَ فِيهِ أَنَّهُ أَمَرَ بِإِرَاقَتِهَا لِأَنَّهَا نَجِسَةٌ مُحَرَّمَةٌ وَالثَّانِي أَنَّهُ نَهَى لِلْحَاجَةِ إِلَيْهَا وَالثَّالِثُ لِأَنَّهَا أَخَذُوهَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَهَذَانِ التَّأْوِيلَانِ هُمَا لِأَصْحَابِ مَالِكٍ الْقَائِلِينَ بِإِبَاحَةِ لُحُومِهَا وَالصَّوَابُ مَا قَدَّمْنَاهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (اكْسِرُوهَا فَقَالَ رَجُلٌ أَوْ يُهْرِيقُوهَا وَيَغْسِلُوهَا قَالَ أَوْ ذَاكَ) فَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْتَهَدَ فِي ذَلِكَ فَرَأَى كَسْرَهَا ثُمَّ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ أَوْ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِغَسْلِهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ لَهُ لَأَجْرَانِ) هَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَمِ النُّسَخِ لَأَجْرَانِ بِالْأَلِفِ وَفِي بَعْضِهَا لَأَجْرَيْنِ بِالْيَاءِ وَهُمَا صَحِيحَانِ لَكِنَّ الثَّانِيَ هُوَ الْأَشْهَرُ الْأَفْصَحُ وَالْأَوَّلُ لُغَةُ أَرْبَعِ قَبَائِلَ من العرب ومنها قوله تعالى إن هذان لساحران وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهَا مَرَّاتٍ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْأَجْرَيْنِ ثَبَتَا لَهُ لِأَنَّهُ جَاهَدَ مُجَاهِدٌ كَمَا سَنُوَضِّحُهُ فِي شَرْحِهِ فَلَهُ أَجْرٌ بِكَوْنِهِ جَاهِدًا أَيْ مُجْتَهِدًا فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى شَدِيدَ الِاعْتِنَاءِ بِهَا وَلَهُ أَجْرٌ آخَرُ بِكَوْنِهِ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَمَّا قَامَ بِوَصْفَيْنِ كَانَ لَهُ أَجْرَانِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ) هَكَذَا رَوَاهُ الْجُمْهُورُ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ لَجَاهِدٌ بِكَسْرِ الْهَاءِ وَتَنْوِينِ الدَّالِ مُجَاهِدٌ بِضَمِّ الْمِيمِ وَتَنْوِينِ الدَّالِ أَيْضًا وَفَسَّرُوا لَجَاهِدٌ بِالْجَادِّ فِي عِلْمِهِ وَعَمَلِهِ أَيْ إِنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>