للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفُؤَادَ هُوَ الْقَلْبُ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ كَرَّرَ لفظ القلوب بِلَفْظَيْنِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَكْرِيرِهِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ وَقِيلَ الْفُؤَادُ غَيْرُ الْقَلْبِ وَهُوَ عَيْنُ الْقَلْبِ وَقِيلَ بَاطِنُ الْقَلْبِ وَقِيلَ غِشَاءُ الْقَلْبِ وَأَمَّا وصفها باللين والرفة وَالضَّعْفِ فَمَعْنَاهُ أَنَّهَا ذَاتُ خَشْيَةٍ وَاسْتِكَانَةٍ سَرِيعَةِ الاستجابة والتأثر بِقَوَارِعِ التَّذْكِيرِ سَالِمَةً مِنَ الْغِلَظِ وَالشِّدَّةِ وَالْقَسْوَةِ الَّتِي وَصَفَ بِهَا قُلُوبَ الْآخَرِينَ قَالَ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْفَدَّادِينَ فَزَعَمَ أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ أَنَّهُ بِتَخْفِيفِ الدَّالِ وَهُوَ جمع فداد بِتَشْدِيدِ الدَّالِ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنِ الْبَقَرِ الَّتِي يُحْرَثُ عَلَيْهَا حَكَاهُ عَنْهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَأَنْكَرَهُ عَلَيْهِ وَعَلَى هَذَا الْمُرَادُ بِذَلِكَ أَصْحَابُهَا فَحَذَفَ الْمُضَافَ وَالصَّوَابُ فِي الْفَدَّادِينَ بِتَشْدِيدِ الدَّالِ جَمْعُ فَدَّادٍ بِدَالَيْنِ أُولَاهُمَا مُشَدَّدَةٌ وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْأَصْمَعِيِّ وَجُمْهُورِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَهُوَ مِنْ الْفَدِيدِ وَهُوَ الصَّوْتُ الشَّدِيدُ فَهُمُ الَّذِينَ تَعْلُو أَصْوَاتُهُمْ فِي إِبِلِهِمْ وَخَيْلِهِمْ وَحُرُوثِهِمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى هُمُ الْمُكْثِرُونَ مِنَ الْإِبِلِ الَّذِينَ يَمْلِكُ أَحَدُهُمُ الْمِائَتَيْنِ منها إلى الالف وقوله ان القسو فِي الْفَدَّادِينَ عِنْدَ أُصُولِ أَذْنَابِ الْإِبِلِ مَعْنَاهُ الَّذِينَ لَهُمْ جَلَبَةٌ وَصِيَاحٌ عِنْدَ سَوْقِهِمْ لَهَا وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ يَطْلُعُ فرنا الشَّيْطَانِ فِي رَبِيعَةَ وَمُضَرَ قَوْلُهُ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ بَدَلٌ مِنَ الْفَدَّادِينَ وَأَمَّا قَرْنَا الشَّيْطَانِ فَجَانِبَا رَأْسِهِ وَقِيلَ هُمَا جَمْعَاهُ اللَّذَانِ يُغْرِيهِمَا بِإِضْلَالِ النَّاسِ وَقِيلَ شِيعَتَاهُ مِنَ الْكُفَّارِ وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ اخْتِصَاصُ الْمَشْرِقِ بِمَزِيدٍ مِنْ تَسَلُّطِ الشَّيْطَانِ وَمِنَ الْكُفْرِ كَمَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ رَأْسُ الْكُفْرِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ وَكَانَ ذَلِكَ فِي عَهْدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ ذَلِكَ وَيَكُونُ حِينَ يَخْرُجُ الدَّجَّالُ مِنَ الْمَشْرِقِ وَهُوَ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ مَنْشَأُ الْفِتَنِ الْعَظِيمَةِ وَمَثَارُ الْكَفَرَةِ التُّرْكِ الْغَاشِمَةِ الْعَاتِيَةِ الشَّدِيدَةِ الْبَأْسِ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَخْرُ وَالْخُيَلَاءُ فَالْفَخْرُ هُوَ الِافْتِخَارُ وَعَدُّ الْمَآثِرِ الْقَدِيمَةِ تَعْظِيمًا وَالْخُيَلَاءُ الْكِبْرُ وَاحْتِقَارُ النَّاسِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي أَهْلِ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ الْفَدَّادِينَ أَهْلِ الْوَبَرِ فَالْوَبَرُ وَإِنْ كَانَ مِنَ الْإِبِلِ دُونَ الْخَيْلِ فَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ قَدْ وَصَفَهُمْ بِكَوْنِهِمْ جَامِعِينَ بين الخيل والابل والوبر وأما قوله صلى الله عليه وسلم والسكينة فى أهل الغنم فالسكينة الطُّمَأْنِينَةِ وَالسُّكُونِ عَلَى خِلَافِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ صِفَةِ الْفَدَّادِينَ هَذَا آخِرُ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو رَحِمَهُ اللَّهُ وَفِيهِ كِفَايَةٌ فَلَا نُطَوِّلُ بِزِيَادَةٍ عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا أَسَانِيدُ الْبَابِ فَقَالَ مُسْلِمٌ رَحِمَهُ اللَّهُ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قال وحدثنا بن نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حدثنا بن إِدْرِيسَ كُلُّهمْ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ قَالَ وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ حَدَّثَنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>