وَأَنْوَاعُهَا فَقَدْ ذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِيهَا كَلَامًا نَفِيسًا أَنَا أَضُمُّ بَعْضَهُ إِلَى بَعْضٍ مُخْتَصَرًا قَالُوا أَمَّا النَّصِيحَةُ لِلَّهِ تَعَالَى فَمَعْنَاهَا مُنْصَرِفٌ إِلَى الْإِيمَانِ بِهِ وَنَفْيِ الشَّرِيكِ عَنْهُ وَتَرْكِ الْإِلْحَادِ فِي صِفَاتِهِ وَوَصْفِهِ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ وَالْجَلَالِ كُلِّهَا وَتَنْزِيهِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنْ جَمِيعِ النَّقَائِصِ وَالْقِيَامِ بِطَاعَتِهِ وَاجْتِنَابِ مَعْصِيَتِهِ وَالْحُبِّ فيه والبغض فيه وموالاة من أطاعه ومعادة مَنْ عَصَاهُ وَجِهَادِ مَنْ كَفَرَ بِهِ وَالِاعْتِرَافِ بِنِعْمَتِهِ وَشُكْرِهِ عَلَيْهَا وَالْإِخْلَاصِ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ وَالدُّعَاءِ إِلَى جَمِيعِ الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ وَالْحَثِّ عَلَيْهَا وَالتَّلَطُّفِ فِي جَمِيعِ النَّاسِ أَوْ مَنْ أَمْكَنَ مِنْهُمْ عَلَيْهَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ رَحْمَهُ اللَّهُ وَحَقِيقَةُ هَذِهِ الْإِضَافَةِ رَاجِعَةٌ إِلَى الْعَبْدِ فِي نُصْحِهِ نَفْسَهُ فَاللَّهُ تَعَالَى غَنِيٌّ عَنْ نُصْحِ النَّاصِحِ وأما النصيحة لكتابه سبحانه وتعالى فالإيمان بأن كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى وَتَنْزِيلُهُ لَا يُشْبِههُ شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ الْخَلْقِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى مِثْلِهِ أَحَدٌ مِنَ الْخَلْقِ ثُمَّ تَعْظِيمُهُ وَتِلَاوَتُهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ وَتَحْسِينُهَا وَالْخُشُوعُ عِنْدَهَا وَإِقَامَةُ حُرُوفِهِ فِي التِّلَاوَةِ وَالذَّبُّ عَنْهُ لِتَأْوِيلِ الْمُحَرِّفِينَ وَتَعَرُّضِ الطَّاعِنِينَ وَالتَّصْدِيقُ بِمَا فِيهِ وَالْوُقُوفُ مَعَ أَحْكَامِهِ وَتَفَهُّمُ عُلُومِهِ وَأَمْثَالِهِ وَالِاعْتِبَارُ بِمَوَاعِظِهِ وَالتَّفَكُّرُ فِي عَجَائِبِهِ وَالْعَمَلُ بِمُحْكَمِهِ وَالتَّسْلِيمُ لِمُتَشَابِهِهِ وَالْبَحْثُ عَنْ عُمُومِهِ وَخُصُوصِهِ وَنَاسِخِهِ وَمَنْسُوخِهِ وَنَشْرُ عُلُومِهِ وَالدُّعَاءُ إِلَيْهِ والى ما ذكرناه مِنْ نَصِيحَتِهِ وَأَمَّا النَّصِيحَةُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَصْدِيقُهُ عَلَى الرِّسَالَةِ وَالْإِيمَانُ بِجَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ وَطَاعَتُهُ فِي أَمْرِهِ ونهيه ونصرته حيا وميتا ومعاداة عن عَادَاهُ وَمُوَالَاةُ مَنْ وَالَاهُ وَإِعْظَامُ حَقِّهِ وَتَوْقِيرُهُ وَإِحْيَاءُ طَرِيقَتِهِ وَسُنَّتِهِ وَبَثُّ دَعْوَتِهِ وَنَشْرُ شَرِيعَتِهِ وَنَفْيُ التُّهْمَةِ عَنْهَا وَاسْتِثَارَةُ عُلُومِهَا وَالتَّفَقُّهُ فِي مَعَانِيهَا وَالدُّعَاءُ إِلَيْهَا وَالتَّلَطُّفُ فِي تَعَلُّمِهَا وَتَعْلِيمِهَا وَإِعْظَامُهَا وَإِجْلَالُهَا وَالتَّأَدُّبُ عِنْدَ قِرَاءَتِهَا وَالْإِمْسَاكُ عَنِ الكلام فيها بغير علم واجلال أهلها لانتسابها إِلَيْهَا وَالتَّخَلُّقُ بِأَخْلَاقِهِ وَالتَّأَدُّبُ بِآدَابِهِ وَمَحَبَّةُ أَهْلِ بَيْتِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمُجَانَبَةُ مَنِ ابْتَدَعَ فِي سُنَّتِهِ أوتعرض لِأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَأَمَّا النَّصِيحَةُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَمُعَاوَنَتُهُمْ عَلَى الْحَقِّ وَطَاعَتُهُمْ فِيهِ وأمرهم به وتنبيهم وَتَذْكِيرُهُمْ بِرِفْقٍ وَلُطْفٍ وَإِعْلَامُهُمْ بِمَا غَفَلُوا عَنْهُ وَلَمْ يَبْلُغْهُمْ مِنْ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ وَتَرْكُ الْخُرُوجِ عَلَيْهِمْ وَتَأَلُّفُ قُلُوبِ النَّاسِ لِطَاعَتِهِمْ قَالَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَمِنَ النَّصِيحَةِ لَهُمُ الصَّلَاةُ خَلْفَهُمْ وَالْجِهَادُ مَعَهُمْ وَأَدَاءُ الصَّدَقَاتِ إِلَيْهِمْ وَتَرْكُ الْخُرُوجِ بِالسَّيْفِ عَلَيْهِمْ إِذَا ظَهَرَ مِنْهُمْ حَيْفٌ أَوْ سُوءُ عِشْرَةٍ وَأَنْ لَا يُغَرُّوا بِالثَّنَاءِ الْكَاذِبِ عَلَيْهِمْ وَأَنْ يُدْعَى لَهُمْ بِالصَّلَاحِ وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ الْخُلَفَاءُ وَغَيْرُهُمْ ممن يقوم بأمور المسملين مِنْ أَصْحَابِ الْوِلَايَاتِ وَهَذَا هُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute