الْحَدِيثُ لَيْسَ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى إِشْكَالٌ وَلَكِنِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَاهُ فَالَّذِي قَالَهُ الْمُحَقِّقُونَ وَالْأَكْثَرُونَ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ هَذِهِ الْخِصَالَ خِصَالُ نِفَاقٍ وَصَاحِبُهَا شَبِيهٌ بالمنافقين فِي هَذِهِ الْخِصَالِ وَمُتَخَلِّقٌ بِأَخْلَاقِهِمْ فَإِنَّ النِّفَاقَ هُوَ إِظْهَارُ مَا يُبْطِنُ خِلَافَهُ وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي صَاحِبِ هَذِهِ الْخِصَالِ وَيَكُونُ نِفَاقُهُ فِي حَقِّ مَنْ حَدَّثَهُ وَوَعَدَهُ وَائْتَمَنَهُ وَخَاصَمَهُ وَعَاهَدَهُ مِنَ النَّاسِ لَا أَنَّهُ مُنَافِقٌ فِي الْإِسْلَامِ فَيُظْهِرُهُ وَهُوَ يُبْطِنُ الْكُفْرَ وَلَمْ يُرِدِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا أَنَّهُ مُنَافِقٌ نِفَاقَ الْكُفَّارِ الْمُخَلَّدِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا مَعْنَاهُ شَدِيدُ الشَّبَهِ بِالْمُنَافِقِينَ بِسَبَبِ هَذِهِ الْخِصَالِ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَهَذَا فِيمَنْ كَانَتْ هَذِهِ الْخِصَالُ غَالِبَةً عَلَيْهِ فَأَمَّا من يندر ذلك منه فَلَيْسَ دَاخِلًا فِيهِ فَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ وَقَدْ نَقَلَ الْإِمَامُ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَعْنَاهُ عَنِ الْعُلَمَاءِ مُطْلَقًا فَقَالَ إِنَّمَا مَعْنَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ نِفَاقُ الْعَمَلِ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْمُرَادُ بِهِ الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ كَانُوا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَدَّثُوا بِإِيمَانِهِمْ وَكَذَبُوا وَاؤْتُمِنُوا عَلَى دِينِهِمْ فَخَانُوا وَوَعَدُوا فِي أَمْرِ الدِّينِ وَنَصْرِهِ فَأَخْلَفُوا وَفَجَرُوا فِي خُصُومَاتِهِمْ وَهَذَا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَرَجَعَ إِلَيْهِ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ بَعْدَ أَنْ كَانَ عَلَى خِلَافِهِ وَهُوَ مروى عن بن عباس وبن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَوَيَاهُ أَيْضًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ وَإِلَيْهِ مَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَئِمَّتِنَا وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَوْلًا آخَرَ أَنَّ مَعْنَاهُ التَّحْذِيرُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَعْتَادَ هَذِهِ الْخِصَالَ الَّتِي يُخَافُ عَلَيْهِ أَنْ تُفْضِيَ بِهِ إِلَى حَقِيقَةِ النِّفَاقِ وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَيْضًا عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْحَدِيثَ وَرَدَ فِي رَجُلٍ بِعَيْنِهِ مُنَافِقٍ وَكَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute