للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَقِبَيْهِ وَفَعَلَهُ هُنَا لِهَذِهِ الْمَصْلَحَةِ قَوْلُهُ (حَتَّى جِئْتُ امْرَأَتِي فَقَالَتْ بِكَ وَبِكَ) أَيْ ذَمَّتْهُ وَدَعَتْ عَلَيْهِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ بِكَ تَلْحَقُ الْفَضِيحَةُ وَبِكَ يَتَعَلَّقُ الذَّمُّ وَقِيلَ مَعْنَاهُ جَرَى هَذَا بِرَأْيِكَ وَسُوءِ نَظَرِكَ وَتَسَبُّبِكَ قَوْلُهُ (قَدْ فَعَلْتُ الَّذِي قُلْتِ لِي) مَعْنَاهُ أَنَّى أَخْبَرْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا عِنْدَنَا فَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمَصْلَحَةِ قَوْلُهُ (ثُمَّ عَمَدَ إِلَى بُرْمَتِنَا فَبَصَقَ فِيهَا وَبَارَكَ ثُمَّ قَالَ ادْعِي خَابِزَةً فَلْتَخْبِزْ مَعَكِ) هَذِهِ اللَّفْظَةُ وَهِيَ ادْعِي وَقَعَتْ فِي بَعْضِ الْأُصُولِ هَكَذَا ادْعِي بِعَيْنٍ ثُمَّ يَاءٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ الظَّاهِرُ لِأَنَّهُ خِطَابٌ لِلْمَرْأَةِ ولهذا قال فلتخبز معك وفى بعضها اذعونى بِوَاوٍ وَنُونٍ وَفِي بَعْضِهَا ادْعُنِي وَهُمَا أَيْضًا صَحِيحَانِ وَتَقْدِيرُهُ اطْلُبُوا وَاطْلُبْ لِي خَابِزَةً وَقَوْلُهُ عمد بفتح الميم وقوله بَصَقَ هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ الْأُصُولِ وَفِي بَعْضِهَا بَسَقَ وَهِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَالْمَشْهُورُ بَصَقَ وَبَزَقَ وَحَكَى جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ بَسَقَ لَكِنَّهَا قَلِيلَةٌ كَمَا ذَكَرْنَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَاقْدَحِي مِنْ بُرْمَتِكُمْ) أَيِ اغْرِفِي وَالْقَدَحُ الْمِغْرَفَةُ يُقَالُ قَدَحْتُ الْمَرَقَ أَقْدَحُهُ بِفَتْحِ الدَّالِ غَرَفْتُهُ قَوْلُهُ (وَهُمْ أَلْفٌ فَأَقْسَمَ بِاللَّهِ لَأَكَلُوا حَتَّى تَرَكُوهُ وَانْحَرَفُوا وَإِنَّ بُرْمَتَنَا لَتَغِطُّ كَمَا هِيَ وَإِنَّ عَجِينَتَنَا لَتُخْبَزُ كَمَا هُوَ) قَوْلُهُ تَرْكُوهُ وَانْحَرَفُوا أَيْ شَبِعُوا وَانْصَرَفُوا وَقَوْلُهُ تَغِطُّ بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الطَّاءِ أَيْ تَغْلِي وَيُسْمَعُ غَلَيَانُهَا وَقَوْلُهُ كَمَا هُوَ يَعُودُ إِلَى الْعَجِينِ وَقَدْ تَضَمَّنَ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَمَيْنِ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ أَحَدَهُمَا تَكْثِيرُ الطَّعَامِ الْقَلِيلِ وَالثَّانِي عِلْمُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ هَذَا الطَّعَامَ الْقَلِيلَ الَّذِي يَكْفِي فِي الْعَادَةِ خَمْسَةَ أَنْفُسٍ أَوْ نَحْوَهُمْ سَيَكْثُرُ فَيَكْفِي أَلْفًا وَزِيَادَةً فَدَعَا لَهُ أَلْفًا قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ صَاعُ شَعِيرٍ وَبُهَيْمَةٌ والله أعلم وأما الحديث الثالث وهو حَدِيثُ أَنَسٍ فِي طَعَامِ أَبِي طَلْحَةَ فَفِيهِ أَيْضًا هَذَانِ الْعَلَمَانِ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةَ وَهُمَا تَكْثِيرُ الْقَلِيلِ وَعِلْمُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>