بعثك بالحق ما عندى إلاماء فَقَالَ مَنْ يُضَيِّفُ هَذَا اللَّيْلَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ فقام رجل من الأنصار فقال أنا يارسول اللَّهِ فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى رَحْلِهِ وَذَكَرَ صَنِيعَهُ وَصَنِيعَ امْرَأَتِهِ) هَذَا الْحَدِيثُ مُشْتَمِلٌ عَلَى فَوَائِدَ كَثِيرَةٍ مِنْهَا مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهْلُ بَيْتِهِ مِنَ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا وَالصَّبْرِ عَلَى الْجُوعِ وَضِيقِ حَالِ الدُّنْيَا وَمِنْهَا أَنَّهُ يَنْبَغِي لِكَبِيرِ الْقَوْمِ أَنْ يَبْدَأَ فِي مُوَاسَاةِ الضَّيْفِ وَمَنْ يَطْرُقُهُمْ بِنَفْسِهِ فَيُوَاسِيهِ مِنْ مَالِهِ أَوَّلًا بِمَا يَتَيَسَّرُ إِنْ أَمْكَنَهُ ثُمَّ يَطْلُبُ لَهُ عَلَى سَبِيلِ التَّعَاوُنِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى مِنْ أَصْحَابِهِ وَمِنْهَا الْمُوَاسَاةُ فِي حَالِ الشَّدَائِدِ وَمِنْهَا فَضِيلَةُ إِكْرَامِ الضَّيْفِ وَإِيثَارِهِ وَمِنْهَا مَنْقَبَةٌ لِهَذَا الْأَنْصَارِيِّ وَامْرَأَتِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَمِنْهَا الِاحْتِيَالُ فِي إِكْرَامِ الضَّيْفِ إِذَا كَانَ يَمْتَنِعُ مِنْهُ رِفْقًا بِأَهْلِ الْمَنْزِلِ لِقَوْلِهِ أَطْفِئِي السِّرَاجَ وَأَرِيهِ أَنَّا نَأْكُلُ فَإِنَّهُ لو رأى قلة الطعام وأنهما لايأكلان مَعَهُ لَامْتَنَعَ مِنَ الْأَكْلِ وَقَوْلُهُ (فَانْطَلَقَ بِهِ إلى رحله) إلى مَنْزِلِهِ وَرَحْلُ الْإِنْسَانِ هُوَ مَنْزِلُهُ مِنْ حَجَرٍ أَوْ مَدَرٍ أَوْ شَعْرٍ أَوْ وَبَرٍ قَوْلُهُ (فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ هَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ قَالَتْ لَا إِلَّا قُوتُ صِبْيَانِي قَالَ فَعَلِّلِيهِمْ بِشَيْءٍ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الصِّبْيَانَ لَمْ يَكُونُوا مُحْتَاجِينَ إِلَى الْأَكْلِ وَإِنَّمَا تَطْلُبُهُ أَنْفُسُهُمْ عَلَى عَادَةِ الصِّبْيَانِ مِنْ غَيْرِ جُوعٍ يَضُرُّهُمْ فَإِنَّهُمْ لَوْ كَانُوا عَلَى حَاجَةٍ بِحَيْثُ يَضُرُّهُمْ تَرْكُ الْأَكْلِ لَكَانَ إِطْعَامُهُمْ وَاجِبًا وَيَجِبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الضِّيَافَةِ وَقَدْ أَثْنَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ وَامْرَأَتِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمَا لَمْ يَتْرُكَا وَاجِبًا بَلْ أَحْسَنَا وَأَجْمَلَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَأَمَّا هُوَ وَامْرَأَتُهُ فَآثَرَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا بِرِضَاهُمَا مَعَ حَاجَتِهِمَا وَخَصَاصَتِهِمَا فَمَدَحَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَأَنْزَلَ فِيهِمَا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ولو كان بهم خصاصة فَفِيهِ فَضِيلَةُ الْإِيثَارِ وَالْحَثِّ عَلَيْهِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى فَضِيلَةِ الْإِيثَارِ بِالطَّعَامِ وَنَحْوِهِ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا وَحُظُوظِ النُّفُوسِ أَمَّا الْقُرُبَاتُ فَالْأَفْضَلُ أن لايؤثر بها لأن الحق فيها لل هـ تعالى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute