للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّارِ فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ جَزْلَةٌ وَمَا لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ قَالَ تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَغْلَبَ لِذِي لُبٍّ مِنْكُنَّ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ وَالدِّينِ قَالَ أَمَّا نُقْصَانُ الْعَقْلِ فَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ تَعْدِلُ شَهَادَةُ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَهَذَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ وَتَمْكُثُ اللَّيَالِيَ مَا تُصَلِّي وَتُفْطِرُ فِي رَمَضَانَ فَهَذَا نُقْصَانُ الدِّينِ) قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْمَعْشَرُ هُمُ الْجَمَاعَةُ الَّذِينَ أَمْرُهُمْ وَاحِدٌ أَيْ مُشْتَرِكُونَ وَهُوَ اسْمٌ يَتَنَاوَلُهُمْ كَالْإِنْسِ مَعْشَرٌ وَالْجِنُّ مَعْشَرٌ وَالْأَنْبِيَاءُ مَعْشَرٌ وَالنِّسَاءُ مَعْشَرٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَجَمْعُهُ مَعَاشِرُ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَيْتُكُنَّ أكثر اهل النار هو بِنَصْبِ أَكْثَرَ إِمَّا عَلَى أَنَّ هَذِهِ الرُّؤْيَةَ تَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ وَإِمَّا عَلَى الْحَالِ عَلَى مذهب بن السَّرَّاجِ وَأَبِي عَلِيٍّ الْفَارِسِيِّ وَغَيْرِهِمَا مِمَّنْ قَالَ إِنَّ أَفْعَلَ لَا يَتَعَرَّفُ بِالْإِضَافَةِ وَقِيلَ هُوَ بَدَلٌ مِنَ الْكَافِ فِي رَأَيْتُكُنَّ وَأَمَّا قَوْلُهَا ومالنا أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ فَمَنْصُوبٌ إِمَّا عَلَى الْحِكَايَةِ وَإِمَّا عَلَى الْحَالِ وَقَوْلُهُ جَزْلَةٌ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَإِسْكَانِ الزَّايِ أَيْ ذَاتُ عَقْلٍ وَرَأْيٍ قَالَ بن دُرَيْدٍ الْجَزَالَةُ الْعَقْلُ وَالْوَقَارُ وَأَمَّا الْعَشِيرُ فَبِفَتْحِ العين وكسرالشين وَهُوَ فِي الْأَصْلِ الْمُعَاشِرُ مُطْلَقًا وَالْمُرَادُ هُنَا الزَّوْجُ وَأَمَّا اللُّبُّ فَهُوَ الْعَقْلُ وَالْمُرَادُ كَمَالُ الْعَقْلِ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَذَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ أَيْ عَلَامَةُ نُقْصَانِهِ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَمْكُثُ اللَّيَالِيَ مَا تُصَلِّي أَيْ تَمْكُثُ لَيَالِيَ وَأَيَّامًا لَا تُصَلِّي بِسَبَبِ الْحَيْضِ وَتُفْطِرُ أَيَّامًا مِنْ رَمَضَانَ بِسَبَبِ الْحَيْضِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا أَحْكَامُ الْحَدِيثِ فَفِيهِ جُمَلٌ مِنَ الْعُلُومِ مِنْهَا الْحَثُّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَأَفْعَالِ الْبِرِّ وَالْإِكْثَارِ مِنَ الِاسْتِغْفَارِ وَسَائِرِ الطَّاعَاتِ وَفِيهِ أَنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ كَمَا قَالَ اللَّهُ عزوجل وَفِيهِ أَنَّ كُفْرَانَ الْعَشِيرِ وَالْإِحْسَانَ مِنَ الْكَبَائِرِ فَإِنَّ التَّوَعُّدَ بِالنَّارِ مِنْ عَلَامَةِ كَوْنِ الْمَعْصِيَةِ كَبِيرَةً كَمَا سَنُوَضِّحُهُ قَرِيبًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَفِيهِ أَنَّ اللَّعْنَ أَيْضًا مِنَ الْمَعَاصِي

<<  <  ج: ص:  >  >>