اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْعَقْلِ مَا هُوَ فَقِيلَ هُوَ الْعِلْمُ وَقِيلَ بَعْضُ الْعُلُومِ الضَّرُورِيَّةِ وَقِيلَ قُوَّةٌ يُمَيَّزُ بِهَا بَيْنَ حَقَائِقِ الْمَعْلُومَاتِ هَذَا كَلَامُهُ قُلْتُ وَالِاخْتِلَافُ فِي حَقِيقَةِ الْعَقْلِ وَأَقْسَامِهِ كَثِيرٌ مَعْرُوفٌ لَا حَاجَةَ هُنَا إِلَى الْإِطَالَةِ بِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي مَحَلِّهِ فَقَالَ أَصْحَابُنَا الْمُتَكَلِّمُونَ هُوَ فِي الْقَلْبِ وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ هُوَ فِي الرَّأْسِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا وَصْفُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النِّسَاءَ بِنُقْصَانِ الدِّينِ لِتَرْكِهِنَّ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ فَقَدْ يُسْتَشْكَلُ مَعْنَاهُ وَلَيْسَ بِمُشْكِلٍ بَلْ هُوَ ظَاهِرٌ فَإِنَّ الدِّينَ وَالْإِيمَانَ وَالْإِسْلَامَ مُشْتَرِكَةٌ فِي مَعْنًى وَاحِدٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي مَوَاضِعَ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَيْضًا فِي مَوَاضِعَ أَنَّ الطَّاعَاتِ تُسَمَّى إِيمَانًا وَدِينًا وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا عَلِمْنَا أَنَّ مَنْ كَثُرَتْ عِبَادَتُهُ زَادَ إِيمَانُهُ وَدِينُهُ وَمَنْ نَقَصَتْ عِبَادَتُهُ نَقَصَ دِينُهُ ثُمَّ نَقْصُ الدِّينِ قَدْ يَكُونُ عَلَى وَجْهٍ يَأْثَمُ بِهِ كَمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ أَوِ الصَّوْمَ أَوْ غَيْرَهُمَا مِنَ الْعِبَادَاتِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ بِلَا عُذْرٍ وَقَدْ يَكُونُ عَلَى وَجْهٍ لَا إِثْمَ فِيهِ كَمَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ أَوِ الْغَزْوَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَجِبُ عليه لعذر وَقَدْ يَكُونُ عَلَى وَجْهٍ هُوَ مُكَلَّفٌ بِهِ كَتَرْكِ الْحَائِضِ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ فَإِنْ قِيلَ فَإِنْ كَانَتْ مَعْذُورَةً فَهَلْ تُثَابُ عَلَى الصَّلَاةِ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَقْضِيهَا كَمَا يثاب المريض والمسافر وَيُكْتَبُ لَهُ فِي مَرَضِهِ وَسَفَرِهِ مِثْلَ نَوَافِلِ الصَّلَوَاتِ الَّتِي كَانَ يَفْعَلُهَا فِي صِحَّتِهِ وَحَضَرِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّ ظَاهِرَ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهَا لَا تُثَابُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَرِيضَ وَالْمُسَافِرَ كَانَ يَفْعَلُهَا بِنِيَّةِ الدَّوَامِ عَلَيْهَا مَعَ أَهْلِيَّتِهِ لَهَا وَالْحَائِضُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ بَلْ نِيَّتُهَا تَرْكُ الصَّلَاةِ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهَا نِيَّةُ الصَّلَاةِ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ فَنَظِيرُهَا مُسَافِرٌ أَوْ مَرِيضٌ كَانَ يُصَلِّي النَّافِلَةَ فِي وَقْتٍ وَيَتْرُكُ فِي وَقْتٍ غَيْرَ نَاوٍ الدَّوَامَ عَلَيْهَا فَهَذَا لَا يُكْتَبُ لَهُ فِي سَفَرِهِ وَمَرَضِهِ فِي الزَّمَنِ الذى لم يكن يتنفل فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِأَسَانِيدِ الْبَابِ ففيه بن الْهَادِ وَاسْمُهُ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَامَةَ وَأُسَامَةُ هُوَ الْهَادِ لِأَنَّهُ كَانَ يُوقِدُ نَارًا لِيَهْتَدِيَ إِلَيْهَا الْأَضْيَافُ وَمَنْ سَلَكَ الطَّرِيقَ وَهَكَذَا يَقُولُهُ الْمُحَدِّثُونَ الْهَادِ وَهُوَ صَحِيحٌ عَلَى لُغَةٍ وَالْمُخْتَارُ فِي الْعَرَبِيَّةِ الْهَادِي بِالْيَاءِ وَقَدْ قَدَّمْنَا ذِكْرَ هَذَا فِي مُقَدِّمَةِ الْكِتَابِ وَغَيْرِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِيهِ أَبُو بَكْرِ بْنِ إِسْحَاقَ واسمه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute