للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ لَا يُقْتَلُ بِحَدِيثِ لَا يَحِلُّ دَمِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ وَلَيْسَ فِيهِ الصَّلَاةُ وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلك لمن يشاء وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَالَ لا إله الا الله دخل الجنة مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَلَا يَلْقَى اللَّهَ تَعَالَى عَبْدٌ بِهِمَا غَيْرَ شَاكٍّ فَيُحْجَبُ عَنِ الْجَنَّةِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَاحْتَجُّوا على قتله بقوله تعالى فإن تابوا وأقام الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَتَأَوَّلُوا قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ عُقُوبَةَ الْكَافِرِ وَهِيَ الْقَتْلُ أَوْ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُسْتَحِلِّ أَوْ عَلَى أَنَّهُ قد يؤول بِهِ إِلَى الْكُفْرِ أَوْ أَنَّ فِعْلَهُ فِعْلُ الْكُفَّارِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم اذا قرأ بن آدم السجدة فمعناه آية السجدة وقوله ياويله هُوَ مِنْ آدَابِ الْكَلَامِ وَهُوَ أَنَّهُ إِذَا عَرَضَ فِي الْحِكَايَةِ عَنِ الْغَيْرِ مَا فِيهِ سُوءٌ وَاقْتَضَتِ الْحِكَايَةُ رُجُوعَ الضَّمِيرِ إِلَى الْمُتَكَلِّمِ صَرَفَ الْحَاكِي الضَّمِيرَ عَنْ نَفْسِهِ تَصَاوُنًا عَنْ صُورَةِ إِضَافَةِ السُّوءِ إِلَى نَفْسِهِ وَقَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى يَا وَيْلِي يَجُوزُ فِيهِ فَتْحُ اللَّامِ وَكَسْرُهَا وقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ الْأُصُولِ مِنْ صَحِيحِ مُسْلِمٍ الشِّرْكُ وَالْكُفْرُ بِالْوَاوِ وَفِي مُخَرَّجِ أَبِي عوانة الاسفراينى وأبى نعيم الاصبهانى أوالكفر بِأَوْ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَجْهٌ وَمَعْنَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشِّرْكِ تَرْكُ الصَّلَاةِ أَنَّ الَّذِي يَمْنَعُ مِنْ كُفْرِهِ كَوْنُهُ لَمْ يَتْرُكِ الصَّلَاةَ فَإِذَا تَرَكَهَا لَمْ يَبْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشِّرْكِ حَائِلٌ بَلْ دَخَلَ فِيهِ ثُمَّ إِنَّ الشِّرْكَ وَالْكُفْرَ قَدْ يُطْلَقَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ الْكُفْرُ بِاللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا فَيُخَصُّ الشِّرْكُ بِعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ مَعَ اعْتِرَافِهِمْ بِاللَّهِ تَعَالَى كَكُفَّارِ قُرَيْشٍ فَيَكُونُ الْكُفْرُ أَعَمُّ مِنَ الشِّرْكِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدِ احْتَجَّ أَصْحَابُ أَبِي حنيفة رحمه الله واياهم بقوله أمر بن آدَمَ بِالسُّجُودِ عَلَى أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>