للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِرَأْيٍ دُونَ رَأْيٍ حَتَّى يَجِدَ عِلْمًا وَتَأَوَّلَ هَؤُلَاءِ قَوْلُهُ (إِنِّي مُصْبِحٌ عَلَى ظَهْرٍ فَأَصْبِحُوا) فَقَالُوا أَيْ مُسَافِرٌ إِلَى الْجِهَةِ الَّتِي قَصَدْنَاهَا أَوَّلًا لَا لِلرُّجُوعِ إِلَى الْمَدِينَةِ وَهَذَا تَأْوِيلٌ فَاسِدٌ وَمَذْهَبٌ ضَعِيفٌ بَلِ الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَوْ صَرِيحُهُ أَنَّهُ إِنَّمَا قَصَدَ الرُّجُوعَ أَوَّلًا بِالِاجْتِهَادِ حِينَ رَأَى الْأَكْثَرِينَ عَلَى تَرْكِ الرُّجُوعِ مَعَ فَضِيلَةِ الْمُشِيرِينَ بِهِ وَمَا فِيهِ مِنَ الِاحْتِيَاطِ ثُمَّ بَلَغَهُ حديث عبد الرحمن فحمدالله تَعَالَى وَشَكَرَهُ عَلَى مُوَافَقَةِ اجْتِهَادِهِ وَاجْتِهَادِ مُعْظَمِ أَصْحَابِهِ نَصَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا قول مسلم انه انما رَجَعَ لِحَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ سَالِمًا لَمْ يَبْلُغْهُ مَا كَانَ عُمَرُ عَزَمَ عَلَيْهِ مِنَ الرُّجُوعِ قَبْلَ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَهُ ويحتمل أنه أراد لم يرجع الابعد حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (إِنِّي مُصْبِحٌ عَلَى ظَهْرٍ فَأَصْبِحُوا عَلَيْهِ) هُوَ بِإِسْكَانِ الصاد فبهما أَيْ مُسَافِرٌ رَاكِبٌ عَلَى ظَهْرِ الرَّاحِلَةِ رَاجِعٌ إِلَى وَطَنِي فَأَصْبِحُوا عَلَيْهِ وَتَأَهَّبُوا لَهُ قَوْلُهُ (فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ أَفِرَارًا مِنْ قَدَرِ اللَّهِ فَقَالَ عُمَرُ لَوْ غَيْرُكَ قَالَهَا يَا أَبَا عُبَيْدَةَ وَكَانَ عُمَرُ يَكْرَهُ خِلَافَهُ نَعَمْ نَفِرُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ إِلَى قَدَرِ اللَّهِ أَرَأَيْتَ لوكان لَكَ إِبِلٌ فَهَبَطْتَ وَادِيًا لَهُ عُدْوَتَانِ إِحْدَاهُمَا خَصِيبَةٌ وَالْأُخْرَى جَدْبَةٌ أَلَيْسَ إِنْ رَعَيْتَ الْخَصِيبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللَّهِ وَإِنْ رَعَيْتَ الْجَدْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللَّهِ) أَمَّا الْعُدْوَةُ فَبِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا وَهِيَ جَانِبُ الْوَادِي وَالْجَدْبَةُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَإِسْكَانِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ ضِدُّ الْخَصِيبَةِ وَقَالَ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ الْجَدْبَةُ هُنَا بِسُكُونِ الدَّالِ وَكَسْرِهَا قَالَ وَالْخِصْبَةُ كَذَلِكَ أَمَّا قَوْلُهُ لَوْ غَيْرُكَ قَالَهَا ياأبا عُبَيْدَةَ فَجَوَابُ لَوْ مَحْذُوفٌ وَفِي تَقْدِيرِهِ وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا صَاحِبُ التَّحْرِيرِ وَغَيْرُهُ أَحَدُهُمَا لَوْ قَالَهُ غَيْرُكَ لَأَدَّبْتُهُ لِاعْتِرَاضِهِ عَلَيَّ فِي مَسْأَلَةٍ اجْتِهَادِيَّةٍ وَافَقَنِي عَلَيْهَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَأَهْلُ الْحِلِّ وَالْعَقْدِ فيها والثاني

<<  <  ج: ص:  >  >>