للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَافٍ إِلَّا أَنَّ الْأَقْيِسَةَ الشَّرْعِيَّةَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعَمَلِ وَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِهِنَّ فِي تَسْمِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَوَصْفِهِ هَذَا كَلَامُ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ ومحله من الاتقان والتحقق بِالْعِلْمِ مُطْلَقًا وَبِهَذَا الْفَنِّ خُصُوصًا مَعْرُوفٌ بِالْغَايَةِ الْعُلْيَا وَأَمَّا قَوْلُهُ لَمْ نَقْضِ فِيهِ بِتَحْلِيلٍ ولا تحريم لانه ذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِالشَّرْعِ فَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمُخْتَارِ فِي حُكْمِ الْأَشْيَاءِ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ فَإِنَّ الْمَذْهَبَ الصَّحِيحَ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَصْحَابنَا أَنَّهُ لَا حُكْمَ فِيهَا لَا بِتَحْلِيلٍ وَلَا تَحْرِيمٍ وَلَا إِبَاحَةٍ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْحُكْمَ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ لَا يَكُونُ إِلَّا بِالشَّرْعِ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِنَّهَا عَلَى الْإِبَاحَةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَلَى التَّحْرِيمِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَلَى الْوَقْفِ لَا يُعْلَمُ مَا يُقَالُ فِيهَا وَالْمُخْتَارُ الْأَوَّلُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ السُّنَّةِ فِي تَسْمِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَوَصْفِهِ مِنْ أَوْصَافِ الْكَمَالِ وَالْجَلَالِ وَالْمَدْحِ بِمَا لَمْ يَرِدْ بِهِ الشَّرْعُ وَلَا مَنَعَهُ فَأَجَازَهُ طَائِفَةٌ وَمَنَعَهُ آخَرُونَ إِلَّا أَنْ يَرِدَ بِهِ شَرْعٌ مَقْطُوعٌ بِهِ مِنْ نَصِّ كِتَابِ اللَّهِ أَوْ سُنَّةٍ مُتَوَاتِرَةٍ أَوْ إِجْمَاعٍ عَلَى إِطْلَاقِهِ فَإِنْ وَرَدَ خَبَرٌ وَاحِدٌ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيهِ فَأَجَازَهُ طَائِفَةٌ وَقَالُوا الدُّعَاءُ بِهِ وَالثَّنَاءُ مِنْ بَابِ الْعَمَلِ وَذَلِكَ جَائِزٌ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَمَنَعَهُ آخَرُونَ لِكَوْنِهِ رَاجِعًا إِلَى اعْتِقَادِ مَا يَجُوزُ أَوْ يَسْتَحِيلُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَطَرِيقِ هَذَا الْقَطْعِ قَالَ الْقَاضِي وَالصَّوَابُ جَوَازُهُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْعَمَلِ ولقوله اللَّهِ تَعَالَى وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لايدخل الْجَنَّةَ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِهِ فَذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمُرَادَ التَّكَبُّرُ عَنِ الْإِيمَانِ فَصَاحِبُهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَصْلًا إِذَا مَاتَ عَلَيْهِ وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا يَكُونُ فِي قَلْبِهِ كِبْرٌ حَالَ دُخُولِهِ الْجَنَّةَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غل وَهَذَانِ التَّأْوِيلَانِ فِيهِمَا بُعْدٌ فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ وَرَدَ فِي سِيَاقِ النَّهْيِ عَنِ الْكِبْرِ الْمَعْرُوفِ وَهُوَ الِارْتِفَاعُ عَلَى النَّاسِ وَاحْتِقَارُهُمْ وَدَفْعُ الْحَقِّ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى هَذَيْنِ التَّأْوِيلَيْنِ الْمُخْرِجَيْنِ لَهُ عَنِ الْمَطْلُوبِ بَلِ الظَّاهِرُ مَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ دُونَ مُجَازَاةٍ إِنْ جَازَاهُ وَقِيلَ هَذَا جَزَاؤُهُ لَوْ جَازَاهُ وَقَدْ يَتَكَرَّمُ بِأَنَّهُ لَا يُجَازِيهِ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَدْخُلَ كُلُّ الْمُوَحِّدِينَ الْجَنَّةَ إِمَّا أَوَّلًا وَإِمَّا ثَانِيًا بَعْدَ تَعْذِيبِ بَعْضِ أَصْحَابِ الْكَبَائِرِ الَّذِينَ ماتوا مصرين عليها وقيل لا يدخلها مَعَ الْمُتَّقِينَ أَوَّلَ وَهْلَةٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَالْمُرَادُ بِهِ دُخُولُ الْكُفَّارِ وَهُوَ دُخُولُ الْخُلُودِ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْقَالُ حَبَّةٍ هُوَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَتَقَرَّرَ مِنْ زِيَادَةِ الْإِيمَانِ وَنَقْصِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>