فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعْرَةً بَيْضَاءَ وَفِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا أَخْرَجَتْ لَهُمْ شَعَرَاتٍ مِنْ شَعْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُمْرًا مَخْضُوبَةً بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ قَالَ الْقَاضِي اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ خَضَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْ لَا فَمَنَعَهُ الْأَكْثَرُونَ بِحَدِيثِ أَنَسٍ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَقَالَ بَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ خضب لحديث أم سلمة هذا ولحديث بن عُمَرَ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ قَالَ وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ بِمَا أَشَارَ إِلَيْهِ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ مِنْ كَلَامِ أَنَسٍ فِي قَوْلِهِ فَقَالَ مَا أَدْرِي فِي هَذَا الَّذِي يُحَدِّثُونَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنَ الطِّيبِ الَّذِي كَانَ يُطَيِّبُ بِهِ شَعْرَهُ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْتَعْمِلُ الطِّيبَ كَثِيرًا وَهُوَ يُزِيلُ سَوَادَ الشَّعْرِ فَأَشَارَ أَنَسٌ إِلَى أَنَّ تَغْيِيرَ ذَلِكَ لَيْسَ بِصَبْغٍ وَإِنَّمَا هُوَ لِضَعْفِ لَوْنِ سَوَادِهِ بِسَبَبِ الطِّيبِ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ تِلْكَ الشَّعَرَاتِ تَغَيَّرَتْ بَعْدَهُ لِكَثْرَةِ تَطْيِيبِ أُمِّ سَلَمَةَ لَهَا إِكْرَامًا هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَبَغَ فِي وَقْتٍ وَتَرَكَهُ فِي مُعْظَمِ الْأَوْقَاتِ فَأَخْبَرَ كُلٌّ بما رأى وهوصادق وهذا التأويل كالمتعين فحديث بن عُمَرَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَلَا يُمْكِنُ تَرْكُهُ وَلَا تَأْوِيلَ لَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا اخْتِلَافُ الرِّوَايَةِ فِي قَدْرِ شَيْبِهِ فَالْجَمْعُ بَيْنَهَا أَنَّهُ رَأَى شَيْئًا يَسِيرًا فَمَنْ أَثْبَتَ شَيْبَهُ أَخْبَرَ عَنْ ذَلِكَ الْيَسِيرِ وَمَنْ نَفَاهُ أَرَادَ أَنَّهُ لَمْ يَكْثُرْ فِيهِ كَمَا قَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى لَمْ يَشْتَدَّ الشَّيْبُ أَيْ لَمْ يَكْثُرْ وَلَمْ يَخْرُجْ شَعْرُهُ عَنْ سَوَادِهِ وَحُسْنِهِ كَمَا قَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى لَمْ يَرَ مِنَ الشَّيْبِ إِلَّا قَلِيلًا قَوْلُهُ (أَعُدُّ شَمَطَاتِهِ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى كَانَ قَدْ شَمِطَ بِكَسْرِ الْمِيمِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّمَطِ هُنَا ابْتِدَاءُ الشَّيْبِ يُقَالُ مِنْهُ شَمِطَ وَأَشْمَطَ قَوْلُهُ (خَضَبَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ) أَمَّا الْحِنَّاءُ فَمَمْدُودٌ وَهُوَ مَعْرُوفٌ وَأَمَّا الْكَتَمُ فَبِفَتْحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute