قَالَ الْمَازِرِيُّ وَقَدْ أَنْكَرَ بَعْضُ الْمَلَاحِدَةِ هَذَا الْحَدِيثَ وَأَنْكَرَ تَصَوُّرَهُ قَالُوا كَيْفَ يَجُوزُ عَلَى مُوسَى فَقْءُ عَيْنِ مَلَكِ الْمَوْتِ قَالَ وَأَجَابَ الْعُلَمَاءُ عَنْ هَذَا بِأَجْوِبَةٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قدأذن اللَّهُ تَعَالَى لَهُ فِي هَذِهِ اللَّطْمَةِ وَيَكُونَ ذَلِكَ امْتِحَانًا لِلْمَلْطُومِ وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَفْعَلُ في خلقه ماشاء وَيَمْتَحِنُهُمْ بِمَا أَرَادَ وَالثَّانِي أَنَّ هَذَا عَلَى الْمَجَازِ وَالْمُرَادُ أَنَّ مُوسَى نَاظَرَهُ وَحَاجَّهُ فَغَلَبَهُ بِالْحُجَّةِ وَيُقَالُ فَقَأَ فُلَانٌ عَيْنَ فُلَانٍ إِذَا غالبه بالحجة ويقال عورت الشئ إِذَا أَدْخَلْتُ فِيهِ نَقْصًا قَالَ وَفِي هَذَا ضَعْفٌ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَدَّ اللَّهُ عَيْنَهُ فَإِنْ قِيلَ أَرَادَ رَدَّ حُجَّتَهُ كَانَ بَعِيدًا وَالثَّالِثُ أَنَّ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مَلَكٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَظَنَّ أَنَّهُ رَجُلٌ قَصَدَهُ يُرِيدُ نَفْسَهُ فَدَافَعَهُ عَنْهَا فَأَدَّتِ الْمُدَافَعَةُ إِلَى فَقْءِ عَيْنِهِ لَا أَنَّهُ قَصَدَهَا بِالْفَقْءِ وَتُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ صَكَّهُ وَهَذَا جَوَابُ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرِ بْنِ خُزَيْمَةَ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَاخْتَارَهُ الْمَازِرِيُّ وَالْقَاضِي عِيَاضٌ قَالُوا وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ تَعَمَّدَ فَقْءَ عَيْنِهِ فَإِنْ قِيلَ فَقَدِ اعْتَرَفَ مُوسَى حِينَ جَاءَهُ ثَانِيًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute