الْأُصُولِ الْمُعْتَمَدَةِ مِنْ صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَكْسُ هَذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من مات لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ قُلْتُ أَنَا وَمَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ النَّارَ وَهَكَذَا ذَكَرَهُ الْحُمَيْدِيُّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ صَحِيحِ مُسْلِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي كِتَابِهِ المخرج على صحيحه مُسْلِمٍ وَقَدْ صَحَّ اللَّفْظَانِ مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ جابر المذكور فأما اقتصار بن مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى رَفْعِ إِحْدَى اللَّفْظَتَيْنِ وَضَمِّهِ الْأُخْرَى إِلَيْهَا مِنْ كَلَامِ نَفْسِهِ فَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ سَبَبُهُ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا إِحْدَاهُمَا وَضَمَّ إِلَيْهَا الْأُخْرَى لِمَا عَلِمَهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَوَحْيِهِ أَوْ أَخَذَهُ مِنْ مُقْتَضَى مَا سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هَؤُلَاءِ فِيهِ نَقْصٌ مِنْ حَيْثُ إِنَّ اللَّفْظَتَيْنِ قَدْ صح رفعهما من حديث بن مَسْعُودٍ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فَالْجَيِّدُ أَنْ يُقَالَ سَمِعَ بن مَسْعُودٍ اللَّفْظَتَيْنِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنَّهُ فِي وَقْتٍ حَفِظَ إِحْدَاهُمَا وَتَيَقَّنَهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَحْفَظِ الْأُخْرَى فَرَفَعَ الْمَحْفُوظَةَ وَضَمَّ الْأُخْرَى إِلَيْهَا وَفِي وَقْتٍ آخَرَ حَفِظَ الْأُخْرَى وَلَمْ يَحْفَظِ الْأُولَى مَرْفُوعَةً فَرَفَعَ الْمَحْفُوظَةَ وَضَمَّ الْأُخْرَى إِلَيْهَا فهذا جمع ظاهر بين روايتى بن مَسْعُودٍ وَفِيهِ مُوَافَقَةٌ لِرِوَايَةِ غَيْرِهِ فِي رَفْعِ اللَّفْظَتَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا حُكْمُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِدُخُولِ النَّارِ وَمَنْ مَاتَ غَيْرَ مُشْرِكٍ بِدُخُولِهِ الْجَنَّةَ فقد فَقَدْ أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ فَأَمَّا دُخُولُ الْمُشْرِكِ النَّارَ فَهُوَ عَلَى عُمُومِهِ فَيَدْخُلُهَا وَيَخْلُدُ فِيهَا وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْكِتَابِيِّ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ وَبَيْنَ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ وَسَائِرِ الْكَفَرَةِ وَلَا فَرْقَ عِنْدَ أَهْلِ الْحَقِّ بَيْنَ الْكَافِرِ عِنَادًا وَغَيْرِهِ وَلَا بَيْنَ مَنْ خَالَفَ مِلَّةَ الْإِسْلَامِ وَبَيْنَ مَنِ انْتَسَبَ إِلَيْهَا ثُمَّ حُكِمَ بِكُفْرِهِ بِجَحْدِهِ مَا يَكْفُرُ بِجَحْدِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَأَمَّا دُخُولُ مَنْ مَاتَ غَيْرَ مُشْرِكٍ الْجَنَّةَ فَهُوَ مَقْطُوعٌ لَهُ بِهِ لَكِنْ إِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبَ كَبِيرَةٍ مَاتَ مُصِرًّا عَلَيْهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ أَوَّلًا وَإِنْ كَانَ صَاحِبَ كَبِيرَةٍ مَاتَ مُصِرًّا عَلَيْهَا فَهُوَ تَحْتَ الْمَشِيئَةِ فَإِنْ عُفِيَ عَنْهُ دَخَلَ أَوَّلًا وَإِلَّا عُذِّبَ ثُمَّ أُخْرِجَ مِنَ النَّارِ وَخُلِّدَ فِي الْجَنَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ فَهُوَ حُجَّةٌ لِمَذْهَبِ أَهْلِ السَّنَةِ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَبَائِرِ لَا يُقْطَعُ لَهُمْ بِالنَّارِ وَأَنَّهُمْ إِنْ دَخَلُوهَا أُخْرِجُوا مِنْهَا وَخُتِمَ لَهُمْ بِالْخُلُودِ فِي الْجَنَّةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا كُلُّهُ مَبْسُوطًا والله أعلم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute