للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِانْفِرَادِهَا أَعْلَى مِنْ صَوْتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قوله (قلن انت أَغْلَظُ وَأَفَظُّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) الفظ والغليظ بِمَعْنًى وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ شِدَّةِ الْخُلُقِ وَخُشُونَةِ الْجَانِبِ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَلَيْسَتْ لَفْظَةُ أَفْعَلَ هُنَا لِلْمُفَاضَلَةِ بَلْ هِيَ بِمَعْنَى فَظٌّ غَلِيظٌ قَالَ الْقَاضِي وَقَدْ يَصِحُّ حَمْلُهَا عَلَى الْمُفَاضَلَةِ وَأَنَّ الْقَدْرَ الَّذِي مِنْهَا فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ مَا كَانَ مِنْ إِغْلَاظِهِ عَلَى الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ كَمَا قَالَ تَعَالَى جَاهِدِ الكفار والمنافقين واغلظ عليهم وَكَانَ يَغْضَبُ وَيُغْلِظُ عِنْدَ انْتَهَاكِ حُرُمَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فَضْلُ لين الجانب والحلم والرفق مالم يُفَوِّتْ مَقْصُودًا شَرْعِيًّا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَاخْفِضْ جناحك للمؤمنين وَقَالَ تَعَالَى وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانفضوا من حولك وقال تعالى بالمؤمنين رؤف رَحِيمٌ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ قَطُّ سَالِكًا فَجًّا إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ) الْفَجُّ الطَّرِيقُ الْوَاسِعُ وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الْمَكَانِ الْمُنْخَرِقِ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ وَهَذَا الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى ظَاهِرِهِ أَنَّ الشَّيْطَانَ مَتَى رَأَى عُمَرَ سَالِكًا فَجًّا هَرَبَ هَيْبَةً مِنْ عُمَرَ وَفَارَقَ ذَلِكَ الْفَجَّ وَذَهَبَ فِي فَجٍّ آخَرَ لِشِدَّةِ خَوْفِهِ مِنْ بَأْسِ عُمَرَ أَنْ يَفْعَلَ فِيهِ شَيْئًا قَالَ الْقَاضِي وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ ضَرَبَ مَثَلًا لِبُعْدِ الشَّيْطَانِ وَإِغْوَائِهِ مِنْهُ وَأَنَّ عُمَرَ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ سالك

<<  <  ج: ص:  >  >>