للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَحَبَّتِهِمَا لَهُ وَالْفَتْحُ عَلَى يَدَيْهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

[٢٤٠٥] (امْشِ وَلَا تَلْتَفِتْ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْكَ فَسَارَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ شَيْئًا ثُمَّ وَقَفَ وَلَمْ يَلْتَفِتْ فَصَرَخَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى مَاذَا أُقَاتِلُ النَّاسَ) هَذَا الِالْتِفَاتُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ أَيْ لَا تَلْتَفِتْ بِعَيْنَيْكَ لَا يَمِينًا وَلَا شِمَالًا بَلِ امْضِ عَلَى جِهَةِ قَصْدِكَ وَالثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ الْحَثُّ عَلَى الْإِقْدَامِ وَالْمُبَادَرَةِ إِلَى ذَلِكَ وَحَمَلَهُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ بِعَيْنِهِ حِينَ احْتَاجَ وفي هذا حمل أَمْرُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَقِيلَ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ لَا تَنْصَرِفُ بَعْدَ لِقَاءِ عَدُوِّكَ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُعْجِزَاتٌ ظَاهِرَاتٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلِيَّةٌ وَفِعْلِيَّةٌ فَالْقَوْلِيَّةُ إِعْلَامُهُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَفْتَحُ عَلَى يَدَيْهِ فَكَانَ كَذَلِكَ وَالْفِعْلِيَّةُ بُصَاقُهُ فِي عَيْنِهِ وَكَانَ أَرْمَدَ فَبَرَأَ مِنْ سَاعَتِهِ وَفِيهِ فَضَائِلُ ظَاهِرَةٌ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَبَيَانُ شَجَاعَتِهِ وَحُسْنِ مُرَاعَاتِهِ لِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحُبِّهِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَحُبِّهِمَا إِيَّاهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ فَقَدْ مَنَعُوا مِنْكَ دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ هَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ الدُّعَاءُ إِلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ الْقِتَالِ وَقَدْ قَالَ بِإِيجَابِهِ طَائِفَةٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ آخَرِينَ أَنَّهُمْ إِنْ كَانُوا مِمَّنْ لَمْ تَبْلُغْهُمْ دَعْوَةُ الْإِسْلَامِ وَجَبَ إِنْذَارُهُمْ قَبْلَ الْقِتَالِ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ وَقَدْ سَبَقَتِ الْمَسْأَلَةُ مَبْسُوطَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>