مِنَ الْأَضْغَاثِ فَمَعْنَاهَا إِنْ كَانَتْ رُؤْيَا حَقٍّ وإِنْ كَانَتْ بَعْدَ النُّبُوَّةِ فَلَهَا ثَلَاثَةُ مَعَانٍ أَحَدُهَا أَنَّ الْمُرَادَ إِنْ تَكُنِ الرُّؤْيَا عَلَى وَجْهِهَا وَظَاهِرِهَا لَا تَحْتَاجُ إِلَى تَعْبِيرٍ وَتَفْسِيرٍ فسيمضه اللَّهُ تَعَالَى وَيُنَجِّزُهُ فَالشَّكُّ عَائِدٌ إِلَى أَنَّهَا رُؤْيَا عَلَى ظَاهِرِهَا أَمْ تَحْتَاجُ إِلَى تَعْبِيرٍ وَصَرْفٍ عَلَى ظَاهِرِهَا الثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ إِنْ كَانَتْ هَذِهِ الزَّوْجَةُ فِي الدُّنْيَا يُمْضِهَا اللَّهُ فَالشَّكُّ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فِي الدُّنْيَا أَمْ فِي الْجَنَّةِ الثَّالِثُ أَنَّهُ لَمْ يَشُكَّ وَلَكِنْ أُخْبِرَ عَلَى التَّحْقِيقِ وَأَتَى بِصُورَةِ الشَّكِّ كَمَا قَالَ أَأَنْتِ أَمْ أُمُّ سَالِمٍ وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ الْبَدِيعِ عِنْدَ أَهْلِ الْبَلَاغَةِ يُسَمُّونَهُ تَجَاهُلُ الْعَارِفِ وَسَمَّاهُ بَعْضُهُمْ مَزْجَ الشَّكِّ بِالْيَقِينِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ
[٢٤٣٩] (إِنِّي لَأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى إِلَى قَوْلِهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَهْجُرُ إِلَّا اسْمَكَ) قَالَ الْقَاضِي مُغَاضَبَةُ عَائِشَةَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ مِمَّا سَبَقَ مِنَ الْغَيْرَةِ الَّتِي عُفِيَ عَنْهَا لِلنِّسَاءِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَحْكَامِ كَمَا سَبَقَ لِعَدَمِ انْفِكَاكِهِنَّ مِنْهَا حَتَّى قَالَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ يَسْقُطُ عَنْهَا الْحَدُّ إِذَا قَذَفَتْ زَوْجَهَا بِالْفَاحِشَةِ عَلَى جِهَةِ الْغَيْرَةِ قَالَ وَاحْتَجَّ بِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَا تَدْرِي الْغَيْرَاءُ أَعْلَى الْوَادِي مِنْ أَسْفَلِهِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَ عَلَى عَائِشَةَ فِي ذَلِكَ مِنَ الْحَرَجِ مَا فِيهِ لِأَنَّ الْغَضَبَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَجْرَهُ كَبِيرَةٌ عَظِيمَةٌ وَلِهَذَا قَالَتْ لَا أَهْجُرُ إِلَّا اسْمَكَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ قَلْبَهَا وَحُبَّهَا كَمَا كَانَ وَإِنَّمَا الْغَيْرَةُ فِي النِّسَاءِ لِفَرْطِ الْمَحَبَّةِ قَالَ الْقَاضِي وَاسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ بِهَذَا أَنَّ الِاسْمَ غَيْرُ الْمُسَمَّى فِي الْمَخْلُوقِينَ وَأَمَّا فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَالِاسْمُ هُوَ الْمُسَمَّى قَالَ الْقَاضِي وَهَذَا كَلَامُ مَنْ لَا تَحْقِيقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute