(قَالَتِ الرَّابِعَةُ زَوْجِي كَلَيْلِ تِهَامَةَ لَا حَرَّ وَلَا قَرَّ وَلَا مَخَافَةَ وَلَا سَآمَةَ) هَذَا مَدْحٌ بَلِيغٌ وَمَعْنَاهُ لَيْسَ فِيهِ أَذًى بَلْ هُوَ رَاحَةٌ وَلَذَاذَةُ عَيْشٍ كَلَيْلِ تِهَامَةَ لَذِيذٌ مُعْتَدِلٌ لَيْسَ فِيهِ حَرٌّ وَلَا بَرْدٌ مُفْرِطٌ وَلَا أَخَافُ لَهُ غَائِلَةً لِكَرْمِ أَخْلَاقِهِ وَلَا يَسْأَمُنِي وَيَمَلُّ صُحْبَتِي (قَالَتِ الْخَامِسَةُ زَوْجِي إِنْ دَخَلَ فَهِدَ وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ) هَذَا أَيْضًا مَدْحٌ بَلِيغٌ فَقَوْلُهَا فَهِدَ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِ الْهَاءِ تَصِفُهُ إِذَا دَخَلَ الْبَيْتَ بِكَثْرَةِ النَّوْمِ وَالْغَفْلَةِ فِي مَنْزِلِهِ عَنْ تَعَهُّدِ مَا ذَهَبَ مِنْ مَتَاعِهِ وَمَا بَقِيَ وَشَبَّهَتْهُ بِالْفَهْدِ لِكَثْرَةِ نَوْمِهِ يُقَالُ أَنْوَمُ مِنْ فَهْدٍ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلُهَا وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ أَيْ لَا يَسْأَلُ عَمَّا كَانَ عَهِدَهُ فِي الْبَيْتِ مِنْ مَالِهِ وَمَتَاعِهِ وَإِذَا خَرَجَ أَسِدَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ السِّينِ وَهُوَ وَصْفٌ لَهُ بِالشَّجَاعَةِ وَمَعْنَاهُ إِذَا صَارَ بَيْنَ النَّاسِ أَوْ خَالَطَ الْحَرْبَ كَانَ كَالْأَسَدِ يُقَالُ أسد واستأسد قال القاضي وقال بن أَبِي أُوَيْسٍ مَعْنَى فَهِدَ إِذَا دَخَلَ الْبَيْتَ وَثَبَ عَلَيَّ وُثُوبَ الْفَهِدِ فَكَأَنَّهَا تُرِيدُ ضَرْبَهَا وَالْمُبَادَرَةَ بِجِمَاعِهَا وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ التَّفْسِيرُ الْأَوَّلُ (قَالَتِ السَّادِسَةُ زَوْجِي إِنْ أَكَلَ لَفَّ وَإِنْ شَرِبَ اشْتَفَّ وَإِنِ اضْطَجَعَ الْتَفَّ وَلَا يُولِجُ الْكَفَّ لِيَعْلَمَ الْبَثَّ) قَالَ الْعُلَمَاءُ اللَّفُّ فِي الطَّعَامِ الْإِكْثَارُ مِنْهُ مَعَ التَّخْلِيطِ مِنْ صُنُوفِهِ حَتَّى لا يبقى منها شيئا وَالِاشْتِفَافُ فِي الشُّرْبِ أَنْ يَسْتَوْعِبَ جَمِيعَ مَا فِي الْإِنَاءِ مَأْخُوذٌ مِنَ الشُّفَافَةِ بِضَمِّ الشِّينِ وَهِيَ مَا بَقِيَ فِي الْإِنَاءِ مِنَ الشَّرَابِ فَإِذَا شَرِبَهَا قِيلَ اشْتَفَّهَا وَتَشَافَهَا وَقَوْلُهَا وَلَا يُولِجُ الْكَفَّ لِيَعْلَمَ الْبَثَّ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ أَحْسِبُهُ كَانَ بِجَسَدِهَا عَيْبٌ أَوْ دَاءٌ كَنَّتْ بِهِ لِأَنَّ الْبَثَّ الْحُزْنُ فَكَانَ لَا يُدْخِلُ يَدِهِ فِي ثَوْبِهَا لِيَمَسَّ ذَلِكَ فَيَشُقَّ عَلَيْهَا فَوَصَفَتْهُ بِالْمُرُوءَةِ وَكَرَمِ الْخُلُقِ وَقَالَ الْهَرَوِيُّ قَالَ بن الْأَعْرَابِيِّ هَذَا ذَمٌّ لَهُ أَرَادَتْ وَإِنِ اضْطَجَعَ وَرَقَدَ الْتَفَّ فِي ثِيَابِهِ فِي نَاحِيَةٍ وَلَمْ يُضَاجِعْنِي لِيَعْلَمَ مَا عِنْدِي مِنْ مَحَبَّتِهِ قَالَ وَلَا بَثَّ هُنَاكَ إِلَّا مَحَبَّتَهَا الدُّنُوَّ مِنْ زَوْجِهَا وَقَالَ آخَرُونَ أَرَادَتْ أَنَّهُ لَا يَفْتَقِدُ أموري ومصالحي قال بن الأنباري رد بن قتيبة على أبي عبيدة تَأْوِيلَهُ لِهَذَا الْحَرْفِ وَقَالَ كَيْفَ تَمْدَحُهُ بِهَذَا وقد ذمته في صدر الكلام قال بن الأنباري ولا رد على أبي عبيد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute