للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو زُمَيْلٍ وَلَوْلَا أَنَّهُ طَلَبَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَعْطَاهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُسْأَلُ شَيْئًا إِلَّا قَالَ نَعَمْ) أَمَّا أَبُو زُمَيْلٍ فَبِضَمِّ الزَّايِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الْيَاءِ وَاسْمُهُ سِمَاكُ بْنُ الْوَلِيدِ الْحَنَفِيُّ الْيَمَامِيُّ ثُمَّ الْكُوفِيُّ وَأَمَّا قَوْلُهُ أَحْسَنُ الْعَرَبِ وَأَجْمَلُهُ فَهُوَ كَقَوْلِهِ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا وَأَحْسَنُهُ خَلْقًا وَقَدْ سَبَقَ شَرْحُهُ فِي فَضَائِلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِثْلُهُ الْحَدِيثُ بَعْدَهُ فِي نِسَاءِ قُرَيْشٍ أَحْنَاهُ عَلَى ولد وأرعاه لزوج قال أبوحاتم السِّجِسْتَانِيُّ وَغَيْرُهُ أَيْ وَأَجْمَلُهُمْ وَأَحْسَنُهُمْ وَأَرْعَاهُمْ لَكِنْ لَا يَتَكَلَّمُونَ بِهِ إِلَّا مُفْرَدًا قَالَ النَّحْوِيُّونَ مَعْنَاهُ وَأَجْمَلُ مَنْ هُنَاكَ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الحديث من الاحاديث المشهورةبالاشكال وَوَجْهُ الْإِشْكَالِ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ إِنَّمَا أَسْلَمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَهَذَا مَشْهُورٌ لَا خِلَافَ فِيهِ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ تَزَوَّجَ أُمَّ حَبِيبَةَ قَبْلَ ذَلِكَ بِزَمَانٍ طَوِيلٍ قَالَ أَبُو عبيدة وخليفة بن خياط وبن الْبَرْقِيِّ وَالْجُمْهُورُ تَزَوَّجَهَا سَنَةَ سِتٍّ وَقِيلَ سَنَةَ سَبْعٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَاخْتَلَفُوا أَيْنَ تَزَوَّجَهَا فَقِيلَ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ قُدُومِهَا مِنَ الْحَبَشَةِ وَقَالَ الْجُمْهُورُ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ قَالَ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ عَقَدَ لَهُ عَلَيْهَا هُنَاكَ فَقِيلَ عُثْمَانُ وَقِيلَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِي بِإِذْنِهَا وَقِيلَ النَّجَاشِيُّ لِأَنَّهُ كَانَ أَمِيرَ الْمَوْضِعِ وَسُلْطَانِهِ قَالَ الْقَاضِي وَاَلَّذِي فِي مُسْلِمٍ هُنَا أَنَّهُ زَوَّجَهَا أَبُو سُفْيَانَ غَرِيبٌ جِدًّا وَخَبَرُهَا مَعَ أَبِي سُفْيَانَ حِينَ وَرَدَ الْمَدِينَةَ فِي حَالِ كُفْرِهِ مَشْهُورٌ ولم يزد القاضي على هذا وقال بن حَزْمٍ هَذَا الْحَدِيثُ وَهْمٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ النَّاسِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ أُمَّ حَبِيبَةَ قَبْلَ الْفَتْحِ بِدَهْرٍ وَهِيَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ وَأَبُوهَا كافر وفي رواية عن بن حَزْمٍ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ مَوْضُوعٌ قَالَ وَالْآفَةُ فِيهِ مِنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ الرَّاوِي عَنْ أَبِي زُمَيْلٍ وَأَنْكَرَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ رَحِمَهُ اللَّهُ هذا على بن حَزْمٍ وَبَالَغَ فِي الشَّنَاعَةِ عَلَيْهِ قَالَ وَهَذَا الْقَوْلُ مِنْ جَسَارَتِهِ فَإِنَّهُ كَانَ هَجُومًا عَلَى تَخْطِئَةِ الْأَئِمَّةِ الْكِبَارِ وَإِطْلَاقِ اللِّسَانِ فِيهِمْ قَالَ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ نَسَبَ عِكْرِمَةَ بْنَ عَمَّارٍ إِلَى وَضْعِ الْحَدِيثِ وَقَدْ وَثَّقَهُ وَكِيعٌ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُمَا وَكَانَ مستجاب الدعوة قال وما توهمه بن حَزْمٍ مِنْ مُنَافَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ لِتَقَدُّمِ زَوَاجِهَا غَلَطٌ مِنْهُ وَغَفْلَةٌ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ سَأَلَهُ تَجْدِيدَ عَقْدِ النِّكَاحِ تَطْيِيبًا لِقَلْبِهِ لِأَنَّهُ كَانَ رُبَّمَا يَرَى عَلَيْهَا غَضَاضَةً مِنْ رِيَاسَتِهِ وَنَسَبِهِ أن تزوج بنته بِغَيْرِ رِضَاهُ أَوْ أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ إِسْلَامَ الْأَبِ فِي مِثْلِ هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>