وَتَعَالَى عِبَارَةٌ عَنْ لُطْفِهِ بِهِمْ وَرَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ وَعَطْفِهِ بِإِحْسَانِهِ وَنِعَمِهِ أَوْ صِلَتِهِمْ بِأَهْلِ مَلَكُوتِهِ الْأَعْلَى وَشَرْحِ صُدُورِهِمْ لِمَعْرِفَتِهِ وَطَاعَتِهِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَلَا خِلَافَ أَنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ وَاجِبَةٌ فِي الْجُمْلَةِ وَقَطِيعَتَهَا مَعْصِيَةٌ كَبِيرَةٌ قَالَ وَالْأَحَادِيثُ فِي الْبَابِ تَشْهَدُ لِهَذَا وَلَكِنَّ الصِّلَةَ دَرَجَاتٌ بَعْضُهَا أَرْفَعُ مِنْ بَعْضٍ وَأَدْنَاهَا تَرْكُ الْمُهَاجَرَةِ وَصِلَتُهَا بِالْكَلَامِ وَلَوْ بِالسَّلَامِ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ القدرة والحاجة فمنها واجب ومنها مستحب لووصل بعض الصلة ولم يَصِلْ غَايَتَهَا لَا يُسَمَّى قَاطِعًا وَلَوْ قَصَّرَ عَمَّا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَيَنْبَغِي لَهُ لَا يُسَمَّى وَاصِلًا قَالَ وَاخْتَلَفُوا فِي حَدِّ الرَّحِمِ الَّتِي تَجِبُ صِلَتُهَا فَقِيلَ هُوَ كُلُّ رَحِمٍ مَحْرَمٍ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا ذَكَرًا وَالْآخَرُ أُنْثَى حَرُمَتْ مُنَاكَحَتُهُمَا فَعَلَى هَذَا لَا يَدْخُلُ أَوْلَادُ الْأَعْمَامِ وَلَا أَوْلَادُ الْأَخْوَالِ وَاحْتَجَّ هَذَا الْقَائِلُ بِتَحْرِيمِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا فِي النِّكَاحِ وَنَحْوِهِ وَجَوَازِ ذَلِكَ فِي بَنَاتِ الْأَعْمَامِ وَالْأَخْوَالِ وَقِيلَ هُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ رَحِمٍ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ فِي الْمِيرَاثِ يَسْتَوِي الْمَحْرَمُ وَغَيْرُهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي وَهَذَا الْقَوْلُ الثَّانِي هُوَ الصَّوَابُ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ السَّابِقُ فِي أَهْلِ مِصْرَ فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا وَحَدِيثُ إِنَّ أَبَرَّ الْبِرِّ أَنْ يَصِلَ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ مَعَ أَنَّهُ لَا مَحْرَمِيَّةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
[٢٥٥٦] (لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ) هَذَا الْحَدِيثُ يَتَأَوَّلُ تَأْوِيلَيْنِ سَبَقَا فِي نَظَائِرِهِ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ أَحَدُهُمَا حَمْلَهُ عَلَى مَنْ يَسْتَحِلُّ الْقَطِيعَةَ بِلَا سَبَبٍ وَلَا شُبْهَةٍ مَعَ عِلْمِهِ بِتَحْرِيمِهَا فَهَذَا كَافِرٌ يُخَلَّدُ فِي النَّارِ وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَبَدًا وَالثَّانِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute