للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُفْلِسًا وَلَيْسَ هُوَ حَقِيقَةُ الْمُفْلِسِ لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ يَزُولُ وَيَنْقَطِعُ بِمَوْتِهِ وَرُبَّمَا يَنْقَطِعُ بِيَسَارٍ يَحْصُلُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ وَإِنَّمَا حَقِيقَةُ الْمُفْلِسِ هَذَا الْمَذْكُورِ فِي الْحَدِيثِ فَهُوَ الْهَالِكُ الْهَلَاكَ التَّامَّ وَالْمَعْدُومُ الْإِعْدَامَ الْمُقَطَّعَ فَتُؤْخَذُ حَسَنَاتُهُ لِغُرَمَائِهِ فَإِذَا فَرَغَتْ حَسَنَاتُهُ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِهِمْ فَوُضِعَ عَلَيْهِ ثُمَّ أُلْقِيَ فِي النَّارِ فَتَمَّتْ خَسَارَتُهُ وَهَلَاكُهُ وَإِفْلَاسُهُ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَزَعَمَ بَعْضُ الْمُبْتَدِعَةِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مُعَارِضٌ لِقَوْلِهِ تعالى ولا تزر وازرة وزر أخرى وَهَذَا الِاعْتِرَاضُ غَلَطٌ مِنْهُ وَجَهَالَةٌ بَيِّنَةٌ لِأَنَّهُ إِنَّمَا عُوقِبَ بِفِعْلِهِ وَوِزْرِهِ وَظُلْمِهِ فَتَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ حُقُوقٌ لِغُرَمَائِهِ فَدُفِعَتْ إِلَيْهِمْ مِنْ حَسَنَاتِهِ فَلَمَّا فَرَغَتْ وَبَقِيَتْ بَقِيَّةٌ قُوبِلَتْ عَلَى حَسَبِ مَا اقْتَضَتْهُ حِكْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى فِي خَلْقِهِ وَعَدْلِهِ فِي عِبَادِهِ فَأُخِذَ قَدْرُهَا مِنْ سَيِّئَاتِ خُصُومِهِ فَوُضِعَ عَلَيْهِ فَعُوقِبَ بِهِ فِي النَّارِ فَحَقِيقَةُ الْعُقُوبَةِ إِنَّمَا هِيَ بِسَبَبِ ظُلْمِهِ وَلَمْ يُعَاقَبْ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ وَظُلْمٍ مِنْهُ وَهَذَا كُلُّهُ مَذْهَبُ أَهْلِ السَّنَةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

[٢٥٨٢] ٠لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ) هَذَا تَصْرِيحٌ بِحَشْرِ الْبَهَائِمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَإِعَادَتِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا يُعَادُ أَهْلُ التَّكْلِيفِ مِنَ الْآدَمِيِّينَ وَكَمَا يُعَادُ الْأَطْفَالُ وَالْمَجَانِينُ وَمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةٌ وَعَلَى هَذَا تَظَاهَرَتْ دَلَائِلُ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَإِذَا الْوُحُوشُ حشرت وَإِذَا وَرَدَ لَفْظُ الشَّرْعِ وَلَمْ يَمْنَعْ مِنْ إِجْرَائِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ عَقْلٌ وَلَا شَرْعٌ وَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْحَشْرِ وَالْإِعَادَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>