للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنِ الِانْتِصَارِ وَالْمُخَاصَمَةِ وَالْمُنَازَعَةِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الَّذِي اشْتَدَّ غَضَبُهُ

[٢٦١٠] (إِنِّي لَأَعْرِفُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ الَّذِي يَجِدُ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) فِيهِ أَنَّ الْغَضَبَ فِي غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ نَزْغِ الشَّيْطَانِ وَأَنَّهُ يَنْبَغِي لِصَاحِبِ الْغَضَبِ أَنْ يَسْتَعِيذَ فَيَقُولَ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَأَنَّهُ سَبَبٌ لِزَوَالِ الْغَضَبِ وَأَمَّا قَوْلُ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي اشْتَدَّ غَضَبُهُ هَلْ تَرَى بِي مِنْ جُنُونٍ فَهُوَ كَلَامُ مَنْ لَمْ يُفَقَّهْ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَمْ يَتَهَذَّبْ بِأَنْوَارِ الشَّرِيعَةِ الْمُكَرَّمَةِ وَتَوَهَّمَ أَنَّ الِاسْتِعَاذَةَ مُخْتَصَّةٌ بِالْمَجْنُونِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْغَضَبَ مِنْ نَزَغَاتِ الشَّيْطَانِ وَلِهَذَا يَخْرُجُ بِهِ الْإِنْسَانُ عَنِ اعْتِدَالِ حَالِهِ وَيَتَكَلَّمُ بِالْبَاطِلِ وَيَفْعَلُ الْمَذْمُومَ وَيَنْوِي الْحِقْدَ وَالْبُغْضَ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْقَبَائِحِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى الْغَضَبِ وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي قال له أوصني لَا تَغْضَبْ فَرَدَّدَ مِرَارًا قَالَ لَا تَغْضَبْ فَلَمْ يَزِدْهُ فِي الْوَصِيَّةِ عَلَى لَا تَغْضَبْ مَعَ تَكْرَارِهِ الطَّلَبَ وَهَذَا دَلِيلٌ ظَاهِرٌ فِي عِظَمِ مَفْسَدَةِ الْغَضَبِ وَمَا يَنْشَأُ مِنْهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا الْقَائِلَ هَلْ تَرَى بِي مِنْ جُنُونٍ كَانَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ أَوْ مِنْ جُفَاةِ الاعراب والله اعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>