للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخلق سمعه وبصره وجلده ولحمه وَعَظْمِهِ وَكَوْنُهُ ذَكَرًا أَمْ أُنْثَى وَذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَرْبَعِينَ الثَّالِثَةِ وَهِيَ مُدَّةُ الْمُضْغَةِ وَقَبْلَ انْقِضَاءِ هَذِهِ الْأَرْبَعِينَ وَقَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ لِأَنَّ نَفْخِ الرُّوحِ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ تَمَامِ صُورَتِهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَاتِ فَإِذَا مَرَّ بِالنُّطْفَةِ اثْنَتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَةً بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهَا مَلَكًا فَصَوَّرَهَا وَخَلَقَ سَمْعَهَا وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها ثم قال يارب أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى فَيَقْضِي رَبُّكُ مَا شَاءَ ويكتب الملك ثم يقول يارب أجله فيقول ربك ماشاء ويكتب الملك وذكر رزقه فقال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ لَيْسَ هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ بَلِ الْمُرَادُ بِتَصْوِيرِهَا وَخَلْقُ سَمْعِهَا إِلَى آخِرِهِ أَنَّهُ يَكْتُبُ ذَلِكَ ثُمَّ يَفْعَلُهُ فِي وَقْتٍ آخَرَ لِأَنَّ التَّصْوِيرَ عَقِبَ الْأَرْبَعِينَ الْأُولَى غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الْعَادَةِ وَإِنَّمَا يَقَعُ فِي الْأَرْبَعِينَ الثَّالِثَةِ وَهِيَ مُدَّةُ الْمُضْغَةِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلْقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فكسونا العظام لحما ثم يكون للملك فيه تصوير آخر وهووقت نَفْخِ الرُّوحِ عَقِبَ الْأَرْبَعِينَ الثَّالِثَةِ حِينَ يَكْمُلُ لَهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ نَفْخَ الرُّوحِ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ إِنَّ خَلْقَ أَحَدِكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَهُ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَهُ ثُمَّ يُبْعَثُ إِلَيْهِ الْمَلَكُ فَيُؤْذَنُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ فَيَكْتُبُ رِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ثُمَّ يَنْفُخُ فِيهِ فَقَوْلُهُ ثُمَّ يُبْعَثُ بِحَرْفِ ثُمَّ يَقْتَضِي تَأْخِيرَ كَتْبِ الْمَلَكِ هَذِهِ الْأُمُورِ إِلَى مَا بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ الثَّالِثَةِ وَالْأَحَادِيثُ الْبَاقِيَةُ تَقْتَضِي الْكَتْبَ بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ الْأُولَى وَجَوَابُهُ أَنَّ قَوْلَهُ ثم يُبْعَثُ إِلَيْهِ الْمُلْكُ فَيُؤْذَنُ فَيَكْتُبُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَمُتَعَلِّقٌ بِهِ لَا بِمَا قَبْلَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَهُ وَيَكُونُ قَوْلُهُ ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَهُ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَهُ مُعْتَرِضًا بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ جَائِزٌ مَوْجُودٌ فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَغَيْرِهِ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَالْمُرَادُ بِإِرْسَالِ الْمَلَكِ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ أَمْرُهُ بِهَا وَبِالتَّصَرُّفِ فِيهَا بِهَذِهِ الْأَفْعَالِ وَإِلَّا فَقَدْ صَرَّحَ فِي الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ موكل بالرحم وانه يقول يارب نطفة يارب عَلَقَةٌ قَالَ الْقَاضِي وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَقْضِيَ خَلْقًا قَالَ يارب أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى شَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ لَا يُخَالِفُ مَا قَدَّمْنَاهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ بَعْدَ الْمُضْغَةِ بَلِ ابْتِدَاءٌ لِلْكَلَامِ وَإِخْبَارٌ عَنْ حَالَةٍ أُخْرَى فَأَخْبَرَ أَوَّلًا بِحَالِ الْمَلَكِ مَعَ النُّطْفَةِ ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا أَرَادَ إِظْهَارَ خَلْقِ النُّطْفَةِ عَلَقَةً كَانَ كَذَا وَكَذَا ثُمَّ الْمُرَادُ بِجَمِيعِ مَا ذَكَرَ مِنَ الرِّزْقِ وَالْأَجَلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>