مُعَاوِيَةَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ سألت الله عزوجل لِآجَالٍ مَضْرُوبَةٍ وَأَيَّامٍ مَعْدُودَةٍ وَأَرْزَاقٍ مَقْسُومَةٍ وَلَنْ يُعَجِّلَ شَيْئًا قَبْلَ حِلِّهِ أَوْ يُؤَخِّرَ شَيْئًا عَنْ حِلِّهِ وَلَوْ كُنْتِ سَأَلْتِ اللَّهَ أَنْ يُعِيذَكَ مِنْ عَذَابٍ فِي النَّارِ أَوْ عَذَابٍ فِي الْقَبْرِ كَانَ خَيْرًا وَأَفْضَلَ) أَمَّا حِلِّهِ فَضَبَطْنَاهُ بِوَجْهَيْنِ فَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا فِي الْمَوَاضِعِ الْخَمْسَةِ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ جَمِيعَ الرُّوَاةِ عَلَى الْفَتْحِ وَمُرَادُهُ رُوَاةُ بِلَادِهِمْ وَإِلَّا فَالْأَشْهَرُ عِنْدَ رُوَاةِ بِلَادِنَا الْكَسْرُ وَهُمَا لُغَتَانِ وَمَعْنَاهُ وُجُوبُهُ وَحِينُهُ يُقَالُ حَلَّ الْأَجَلُ يَحِلُّ حِلًّا وَحَلًّا وَهَذَا الْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْآجَالَ وَالْأَرْزَاقَ مُقَدَّرَةٌ لَا تَتَغَيَّرُ عَمَّا قَدَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعَلِمَهُ فِي الْأَزَلِ فَيَسْتَحِيلُ زِيَادَتُهَا وَنَقْصُهَا حَقِيقَةً عَنْ ذَلِكَ وَأَمَّا مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ صِلَةِ الرَّحِمِ تُزِيدُ فِي الْعُمْرِ وَنَظَائِرِهِ فَقَدْ سَبَقَ تَأْوِيلُهُ فِي بَابِ صِلَةِ الْأَرْحَامِ وَاضِحًا قَالَ الْمَازِرِيُّ هُنَا قَدْ تَقَرَّرَ بِالدَّلَائِلِ الْقَطْعِيَّةِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالْآجَالِ وَالْأَرْزَاقِ وَغَيْرِهَا وَحَقِيقَةُ الْعِلْمِ مَعْرِفَةُ الْمَعْلُومِ على ماهو عَلَيْهِ فَإِذَا عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ زَيْدًا يَمُوتُ سِنُّهُ خَمْسُمِائَةٌ اسْتَحَالَ أَنْ يَمُوتَ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا لِئَلَّا يَنْقَلِبَ الْعِلْمُ جَهْلًا فَاسْتَحَالَ أَنَّ الْآجَالَ الَّتِي عَلِمَهَا اللَّهُ تَعَالَى تَزِيدُ وَتَنْقُصُ فَيَتَعَيَّنُ تَأْوِيلُ الزِّيَادَةِ أَنَّهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَلَكِ الْمَوْتِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّنْ وَكَّلَهُ اللَّهُ بِقَبْضِ الْأَرْوَاحِ وَأَمَرَهُ فِيهَا بِآجَالٍ مَمْدُودَةٍ فَإِنَّهُ بَعْدَ أَنْ يَأْمُرُهُ بِذَلِكَ أَوْ يُثْبِتُهُ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ يَنْقُصُ مِنْهُ وَيَزِيدُ عَلَى حَسَبِ مَا سَبَقَ بِهِ عِلْمُهُ فِي الْأَزَلِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ ويثبت وعلى ماذكرناه يُحْمَلُ قَوْلُهُ تَعَالَى ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مسمى عنده وَاعْلَمْ أَنَّ مَذْهَبَ أَهْلِ الْحَقِّ أَنَّ الْمَقْتُولَ مَاتَ بِأَجَلِهِ وَقَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ قُطِعَ أَجَلُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَإِنْ قِيلَ مَا الْحِكْمَةُ فِي نَهْيِهَا عَنِ الدُّعَاءِ بِالزِّيَادَةِ فِي الْأَجَلِ لِأَنَّهُ مَفْرُوغٌ مِنْهُ وَنَدْبِهَا إِلَى الدُّعَاءِ بِالِاسْتِعَاذَةِ مِنَ الْعَذَابِ مَعَ أَنَّهُ مَفْرُوغٌ مِنْهُ أَيْضًا كَالْأَجَلِ فَالْجَوَابُ أن الجميع مفروع مِنْهُ لَكِنِ الدُّعَاءَ بِالنَّجَاةِ مِنْ عَذَابِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute